اسم الکتاب : يوم الخلاص في ظل القائم المهدي عليه السلام المؤلف : كامل سليمان الجزء : 1 صفحة : 124
فاللّه القادر على إنشاء الإنسان من العدم، و الذي قال عنه متعجّبا و موبّخا:
أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنىََ[1] ، و قال مستهزئا به و مقرّعا له: أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مََاءٍ مَهِينٍ، `فَجَعَلْنََاهُ فِي قَرََارٍ مَكِينٍ[2] ، لتكون منه النطفة فالعلقة فالمضغة فالعظام فاللحم، فالخلق السّويّ الذي يشدّه بالعصب، و يجري فيه الرّوح و النّفس و الدم في القلب و العروق.. هذا الخالق قادر على أن يفعل ما يشاء، كيف يشاء، حين يشاء!.
فأقبح بالإنسان منكرا و متنكّرا لما يقع تحت حسّه، فضلا عما لا يقع تحت حسّه و لا يصل إليه إدراكه!!!
ألا إن ذلك لا يدلّ على عجب في الموضوع، بمقدار ما يدلّ على عجز في الحواس، و قصور في الإدراك، و ضعف عند الإنسان، بل يدلّ على تفاهته و عقوقه، لأنه لا يكاد يقف على قدميه حتى يتطلّع إلى تقويض السماء، و الشّرك بربّه الذي خَلَقَ اَلْإِنْسََانَ مِنْ نُطْفَةٍ، فَإِذََا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ[3] ، يعلن العداوة للدّين و الديّان، و تنصب النطفة القذرة نفسها خصيما مبينا لبارئها.. لله.. الذي يقهرها بالموت فيجعلها جيفة يتعجّل ذووها لطمرها بالتراب للتخلّص من نتنها!!!
فليس كل ما لا يقدر أن يستوعبه العقل مستحيلا. و لو كان ذلك للزم إدراك كنه من لاََ تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصََارُ، وَ هُوَ يُدْرِكُ اَلْأَبْصََارَ[4] .. على أن الإله الذي نتوصّل إلى معرفته و تحديده بمكان و زمان، نقلّل من أهميته و نفقده عظمة الألوهية و جلالها..
و من مفارقات إنسان عصرنا الذي اجترح العجائب و أتى بالمعجزات أن ينكر ما لا تدركه حواسه، و يستوعبه إدراكه المحصور في هذه الجمجمة المقفلة الصّلبة. فإنّه و إن سخّر الهواء و الماء و الكهرباء، و صعد بالطائرة و الصاروخ إلى الفضاء و الأجواء،