المصنف (قدّس سرّه) اختصاص المعوّض بالعين، لتصريحه بجواز وقوع المنفعة عوضا في البيع، مع وضوح اعتبار المالية في كلّ من الثمن و المثمن.
و لأجل صدق المال على المنافع تصدّى لتمييز البيع- من ناحية المتعلق- عن الإجارة و نحوها من العقود المالية، و قال باعتبار كون المعوّض عينا.
و هذه الدعوى تتوقف على أمرين مسلّمين:
أحدهما: أنّ المتبادر إلى الأذهان في هذه الأعصار من «البيع» هو تمليك العين لا مطلق المال.
ثانيهما: إحراز ذلك في عصر التشريع حتى يحمل إطلاق «البيع» في الأدلة على تمليك خصوص العين، و عدم إطلاقه على تمليك المنافع إلّا بالمسامحة.
و كلا الأمرين مسلّم. أمّا الأوّل فلوجهين: التبادر و صحة السلب، و هما من علائم الحقيقة و المجاز. أمّا التبادر فلأنّ المنسبق من إطلاق «البيع» و مشتقاته هو مبادلة عين بمال، و يكفيه شاهدا تعريفه في كتب الفقهاء بذلك، و جلّهم من أهل اللسان. و أمّا صحة السلب، فلاعترافهم بمجازية استعمال البيع في تمليك المنافع، كما إذا أنشأ تمليك سكنى الدار بقوله: «بعتك سكناها سنة بكذا» و هذا كاشف عن صحة سلب عنوان «البيع» عن تمليك غير الأعيان من الأموال، و عن مجازية إطلاق البيع على تمليك غير الأعيان.
و أما الثاني- أعني به إحراز كون معنى البيع في عصر التشريع تمليك الأعيان- فلأصالة عدم النقل الجارية في معاني اللغات عند الشك في الموضوع له سابقا، و أنّه هل هو المعنى المتبادر من اللفظ فعلا أم أنّه نقل المعنى الفعلي عن الوضع الأوّلي؟ فبناؤهم على التمسك بأصالة عدم النقل لإثبات وحدة المعنى. و عليه يحرز كون معنى «البيع» الوارد في الأدلة الشرعية هو المنسبق الى أذهاننا من تمليك خصوص العين، لا كلّ ما يملك و إن لم يكن عينا.