ثمّ إنّ تعريف البيع بالعقد شائع بين الفقهاء كما نسبه صاحب المقابس (قدّس سرّه) إليهم، قال في مقام بيان إطلاقات البيع: «رابعها نفس العقد المركّب من الإيجاب و القبول، و هذا هو الشائع المعروف بين الفقهاء في سائر ألفاظ العقود ممّا كان منها مصدرا بصيغة الفعال و المفاعلة، أو بمعناه كالقراض و المضاربة و المزارعة» [1]. و عليه فأشهر معاني البيع- بل مشهورها- هو هذا المعنى.
و أمّا وجه العدول عن تعريفه «بالانتقال» الى تعريفه «بالإيجاب و القبول الدالّين عليه» فهو ما تقدم من كون الانتقال اسم مصدر، و صفة للعوضين، مع أن البيع المقصود في التعريف معنى مصدري لكونه فعل البائع، و لا ينبغي تعريف المعنى المصدري بالمعنى الاسمي المغاير له. و هذه المسامحة لا ترد على تعريفه بالإيجاب و القبول، لأنّ ما بيد المتعاقدين هو العقد المؤثّر في الانتقال، لا نفس الانتقال المترتب عليهما [1].
[1] ربما يستفاد من تعبير المصنف (قدّس سرّه): «و حيث ان في هذا التعريف مسامحة واضحة عدل آخرون .. إلخ» أنّ كلّ من لم يرتض من الفقهاء تعريف البيع بالانتقال عدل إلى تعريفه بالعقد الدال على الانتقال، مع أنّه يظهر للمتتبع في كلماتهم خلافه، لوجود تعاريف أخرى فيها، فعرّفه جمع بالعقد الدال على النقل، كالمحقق في الشرائع [2]، و الشهيد في الدروس و اللمعة [3]، و عرّفه أبو الصلاح الحلبي بأنه «عقد يقتضي استحقاق التصرف في المبيع و الثمن و تسليمهما» [4]. و عليه فلعلّ الأنسب تبديل «آخرون» ب «الجمع» بأن يقال: «عدل جمع الى تعريفه بالإيجاب و القبول ..» و الأمر سهل.