و المتّصل قد يكون استثناء، أو تقييدا بصفة. و قد ألحق قوم بذلك الشرط، و هذا غلط؛ لأنّ الشرط لا يؤثّر في زيادة و لا نقصان، على ما كنّا قدّمناه، و لا يجري مجرى الاستثناء و التقييد بصفة.
فأمّا المخصص المنفصل، فقد يكون دليلا عقليّا و قد يكون سمعيّا، فالسّمعي ينقسم إلى ما يوجب العلم و إلى ما يوجب الظّن، كالقياس و أخبار الآحاد، و ليس يخرج عن هذه الجملة شيء من المخصّصات، و تفصيل هذه الجملة يأتي بإذن اللّه تعالى و مشيّته [1] .
[السادس]: فصل في تخصيص العموم بالاستثناء و أحكامه
اعلم أنّ الاستثناء لا يؤثّر في المستثنى منه حتّى يتّصل به، و لا يكون منقطعا عنه، و ذلك ممّا لا خلاف فيه بين المتكلّمين و الفقهاء و قد حكي عن ابن عبّاس رحمه اللّه خلاف فيه.
و الّذي يدلّ على ذلك أنّ كلّ مؤثّر في الكلام لا بدّ من إتّصاله بما يؤثّر فيه، كالشّرط و التّقييد بصفة، فالاستثناء كذلك، يبيّن ما ذكرناه أنّا لو سمعنا قائلا يقول بعد تطاول سكوته: «إلاّ واحدا» لعددناه عابثا هاذيا، كما نعدّه كذلك إذا اشترط، أو قيّد بعد انقضاء الكلام و تراخيه بمدّة طويلة.
و أيضا لو جاز ما ذكروه لم يكن أحدنا حانثا في يمينه؛ لأنّه يستثنى فيما بعد زمان، فتخرج يمينه من أن تكون منعقدة.
و يجب على هذا القول ألاّ يوثق بوعد و لا وعيد، و لا يستقرّ أيضا حكم العقود و لا الإيقاعات من طلاق و غيره.
فأمّا طول الكلام؛ فغير مانع من تأثير الاستثناء فيه؛ لأنّه مع طوله متّصل غير منقطع، و لذلك ينقطع الكلام بانقطاع النفس و ما يجري مجراه، و لا يخرجه