responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظام الحكومة النبوية المؤلف : الكتاني، عبد الحي    الجزء : 1  صفحة : 144

لهم الدليل علي ذلك من حكايته سبحانه عن تهنئة أهل الجنة لمن يأكل فيها من الداخلين:

كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ [الحاقة: 24]. و قد رأيت في رحلة عالم المغرب الأوسط الشيخ أبي راس المعسكري، أنه لما دخل إلى فاس حضر وليمة بها، فشرب بعض الطلبة بمحضره. قال: فبادرته بلفظ: صحة فضحك مني من حضر، حتى قرعت سن الندم. ثم قلت: ما سندكم في الترك؟ فقالوا: تلك عادتنا. فقلت: تستدلون بنقل على ذلك؟ فقالوا بأجمعهم: و أي نقل في هذا؟ فقلت: إن شهاب الدين الخفاجي نصّ على السنة، و صاحب المدخل على عكسه. و كان الشيخ الطيب بن كيران متكئا. و لما سمع النقل استوى كاستواء المأمون لما لحنه النضر بن شميل و قال: أ يوجد النقل على ذلك و الاختلاف على ما هنالك؟ فقلت: نعم و أحلتهم على كلام الشهاب و المدخل، قال فاعترفوا بفضلي و بصحة نقلي ا ه كلامه ملخصا.

و قد علمت مما سبق أن الزرقاني من محدثي المالكية صرّح باستحباب التهنئة، و تصريح شيخه النور الشبراملسي الشافعي بالاستحباب، فتأيد تصريح الشهاب الخفاجي مع العمل المتوارث بالمشرق و غيره اليوم.

و في شرح منظومة الآداب للمحدث السفاريني الحنبلي؛ ذكرهم أي فقهاء الحنابلة أن الحامد أي بعد الأكل يدعى له: يدل على أنه يدعى للآكل و الشارب بما يناسب الحال.

و القول بالاستحباب مطلقا هو مقتضى كلام ابن الجوزي. ا ه انظر بقيته في ص 134 من الجزء الثاني و هو ملخص من كلام مطوّل في المسألة للإمام بن مفلح في كتابه: الآداب الكبرى انظرها و لا بد. و اللّه أعلم.

ثم بعد هذا بمدة، وقفت على كلام في الباب للشهاب بن حجر الهيثمي في فتاويه الفقهية؛ لا أجمع منه و لا أجود، و هذا سياقه (رحمه الله): سئل عما اعتيد من قول الإنسان لمن يفرغ من شربه: صحة و نحو ذلك، هل له أصل أو هو بدعة؟ فأجاب بقوله: يمكن أن يقال إن له أصلا و يحتج بقوله (صلى الله عليه و سلم) لأم أيمن لما شربت بوله (صلى الله عليه و سلم): صحة يا أم أيمن لن يلج النار بطنك، و وجه القياس أن المختار عند كثير من أئمتنا طهارة فضلاته (عليه السلام)، و أن بوله شفاء أي شفاء. فإذا قال ذلك لشاربته، فلا بدع أن يقاس عليه قول مثله لشارب الماء، لا يقال لم ينقل عنه (صلى الله عليه و سلم) قول ذلك في غير هذه الواقعة لأنا نقول: لا يشترط في الاقتداء به (صلى الله عليه و سلم) فيما يفعله على جهة التشريع تكرّر ذلك الفعل منه (صلى الله عليه و سلم)؛ بل يكفي صدور ذلك منه كذلك و لو مرة، كما هو واضح، على أن عدم النقل في غير هذه الواقعة لا يدل على عدم الوجود. و ليس هذا مما تتوفر الدواعي على نقله، و بقولنا: إن بوله (صلى الله عليه و سلم) شفاء اندفع ما قيل هذا لا حجة فيه، لأنه لم يكن ثم ما يشرب، و إنما هو البول، و هو إذا شرب عاد بالضرر.

فقال: صحة لينفي عنها ما تتوقعه مما جرت به العادة من بول غيره (عليه السلام)، فتضمن ذلك دعاء و إخبارا بخلاف شرب الماء ا ه فقوله: لينفي عنها ما تتوقعه، يردّ بأنه تقرر عند

اسم الکتاب : نظام الحكومة النبوية المؤلف : الكتاني، عبد الحي    الجزء : 1  صفحة : 144
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست