اسم الکتاب : ميراثان في كتاب الله (العُجب) المؤلف : الآصفي، الشيخ محمد مهدي الجزء : 1 صفحة : 44
تعالى نبيه لمواصلة الطريق ، والاستمرار والثبات ، ويعلمه أمرين ، سبق أن ذكرناهما من قبل وهما الصبر والصلاة : ( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ) .
ومن عجيب أنّ الأمر بالصبر والصلاة يتكرّر كثيراً عبر ذكر الدعوة إلى الله تعالى وما واجه الدعاة إلى الله من متاعب وعناء في الطريق .
الصبر على تحمّل سنن الله ، وعدم استعجال الأمور قبل أوانها ، واللجوء والتضرع إلى الله ـ ( الصلاة ) ـ ليسدّ ما في نفوسنا من عجز ونقص في الصبر والاستقامة .
المعاناة سنة إلهية لكلّ أطراف الصراع :
والقرآن عندما يمدّ نظر الداعية إلى البعيد ، لينفذ من الحاضر إلى المستقبل ، ومن المعاناة إلى آفاق الأمل ، لا يريد أن يفصّله فصلاً كاملاً عن لحظة المعاناة ، وإنّما يوجّه تصوّر الداعية وحمله للحظة المعاناة على طريق ذات الشوكة ؛ حتى لا تستغرقه المعاناة عن معايشة سنن الله ، والنظر إلى مستقبل الدعوة وعاقبتها .
فيوجّه نظره أولاً إلى أنّ هذه المعاناة حقيقة قائمة وأمر واقع في كل من المعسكرين ، من دون استثناء ، وليست هي من خصائص مسيرة الدعوة إلى الله ، وإنّما المعاناة تشمل المعسكرين جميعاً .
فما دام هناك صراع فهناك معاناة ، والعناء يتوزّع على طرفي الصراع من دون فرق ، وليس لأحدٍ من الطرفين حصانة من المعاناة :