ولا يتكوّن هذا الميراث الحضاري مرّة واحدة ، وإنّما يتكوّن ويقوى ويتسع تيارها ، ويتأصّل أكثر في الأرض ، وفي نفوس المؤمنين ، كلّما يمرّ به جيل أو يمتدّ به الزمن .
وهذا الميراث العقائدي والحضاري الكبير يشمل الإيمان بالله ، والرسول ، والقيم ، والولاء لله وللرسول ولأوليائه ، والأخلاق ، والقيم ، والسلوك ، والحبّ ، والبغض ، والأعراف والتقاليد ، وحتى المصطلحات ، والشعارات ... وهي تنتظم في حقول من حياة الإنسان .
وليس من الممكن ـ إطلاقاً ـ أن تتكوّن كل هذه الكنوز العقائدية والحضارية في حياة الجيل مرّة واحدة ، وإنّما تتحوّل من جيل إلى جيل ، يستلّمها كل جيل ليسلّمها إلى الجيل اللاحق ، وخلال هذا الانتقال والعبور عبر الأجيال يزداد هذا الميراث عمقاً وأصالةً ورسوخاً ووضوحاً.
ونحن نلاحظ في القرآن هذا التماسك والارتباط بين أجزاء ومراحل هذه المسيرة العقائدية والحضارية الكبرى ، ونلاحظ تأكيد القرآن على الارتباط بهذه المسيرة ، بشكل عام ومن دون تفرقة ، وأنّ هذه المسيرة بمجموعها هي الإسلام، ولن يقبل الله تعالى غيره من الإنسان .