responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة كربلاء المؤلف : لبيب بيضون    الجزء : 2  صفحة : 553

وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات، فاغتسل ثم ائتزر بإزار، و ارتدى بآخر. ثم فتح صرة فيها صعد [نوع من الطيب‌] فنثرها على بدنه، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر اللّه تعالى. حتى إذا دنا من القبر قال: ألمسنيه، فألمسته إياه. فخرّ على القبر مغشيا عليه، فرششت عليه شيئا من الماء. فلما أفاق قال: يا حسين [ثلاثا]. ثم قال:

حبيب لا يجيب حبيبه، و أنى لك بالجواب، و قد شخبت أوداجك من أثباجك [جمع ثبج: و هو وسط شي‌ء تجمّع و برز]، و فرّق بين بدنك و رأسك. أشهد أنك ابن خاتم النبيين، و ابن سيد المؤمنين، و ابن حليف التقوى، و سليل الهدى، و خامس أصحاب الكسا، و ابن سيد النقبا، و ابن فاطمة سيدة النساء. و ما لك لا تكون هكذا، و قد غذّتك كفّ سيد المرسلين، و ربّيت في حجر المتقين، و رضعت من ثدي الإيمان، و فطمت بالإسلام؛ فطبت حيا و طبت ميتا. غير أن قلوب المؤمنين غير طيّبة بفراقك، و لا شاكّة في حياتك. فعليك سلام اللّه و رضوانه. و أشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.

ثم جال ببصره حول القبر [مع أنه أعمى فقد جال ببصره كأنه يرى، إذ فتح اللّه على بصيرته‌] و قال: السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين (عليه السلام) و أناخت برحله. أشهد أنكم أقمتم الصلاة و آتيتم الزكاة، و أمرتم بالمعروف و نهيتم عن المنكر، و جاهدتم الملحدين، و عبدتم اللّه حتى أتاكم اليقين.

و الذي بعث محمدا بالحق نبيا، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه. فقال له عطيّة العوفي: و كيف و لم نهبط واديا، و لم نعل جبلا، و لم نضرب بسيف؟!. و القوم قد فرّق بين رؤوسهم و أبدانهم، و أيتمت أولادهم، و أرملت الأزواج؟!.

فقال له: يا عطية، إني سمعت حبيبي رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول: من أحبّ قوما حشر معهم، و من أحبّ عمل قوم أشرك في عملهم. و الذي بعث محمدا بالحق إنّ نيّتي و نية أصحابي على ما مضى عليه الحسين (عليه السلام) و أصحابه.

قال عطية: فبينما نحن كذلك، و إذ بسواد قد طلع من ناحية الشام. فقلت: يا جابر، هذا سواد طلع من ناحية الشام. فقال جابر لعبده: انطلق إلى هذا السواد، و ائتنا بخبره، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا، لعلنا نلجأ إلى ملجأ، و إن كان زين العابدين (عليه السلام) فأنت حرّ لوجه اللّه تعالى.

قال: فمضى العبد، فما كان بأسرع من أن رجع و هو يقول: يا جابر، قم‌

اسم الکتاب : موسوعة كربلاء المؤلف : لبيب بيضون    الجزء : 2  صفحة : 553
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست