responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة كربلاء المؤلف : لبيب بيضون    الجزء : 2  صفحة : 136

الاستسقاء الأخير

فلما سمع العباس (عليه السلام) ذلك رمق بطرفه إلى السماء، و قال: إلهي و سيدي، أريد [أن‌] أعتدّ بعدّتي، و أملأ لهؤلاء الأطفال قربة من الماء. فركب فرسه و أخذ رمحه، و القربة في كتفه.

و كان قد جعل عمر بن سعد أربعة آلاف خارجي موكلين على الماء، لا يدعون أحدا من أصحاب الحسين (عليه السلام) يشرب منه. فلما رأوا العباس قاصدا إلى الفرات أحاطوا به من كل جانب و مكان. فقال لهم: يا قوم، أنتم كفرة

أم مسلمون؟. هل يجوز في مذهبكم أو في دينكم أن تمنعوا الحسين (عليه السلام) و عياله شرب الماء، و الكلاب و الخنازير يشربون منه، و الحسين مع أطفاله و أهل بيته يموتون من العطش. أما تذكرون عطش القيامة؟!.

فلما سمعوا كلام العباس (عليه السلام) وقف خمسمئة رجل و رموه بالنبل و السهام، فحمل عليهم فتفرقوا عنه هاربين كما تتفرق الغنم عن الذئب، و غاص في أوساطهم و قتل منهم- على ما نقل- قريبا من ثمانين فارسا. فهمز فرسه إلى الماء و أراد أن يشرب، فذكر عطش الحسين (عليه السلام) و عياله و أطفاله؛ فرمى الماء من يده، و قال:

و الله لا أشربه و أخي الحسين (عليه السلام) و عياله و أطفاله عطاشى، لا كان ذلك أبدا.

ثم ملأ القربة و حملها على كتفه الأيمن، و همز فرسه و أراد أن يوصل الماء إلى الخيمة، فاجتمع عليه القوم، فحمل عليهم فتفرقوا عنه، و صار نحو الخيمة، فقطعوا عليه الطريق، فحاربهم محاربة عظيمة. فصادفه نوفل الأزرق و ضربه على يده اليمنى فبراها، فحمل العباس القربة على كتفه الأيسر. فضربه نوفل أيضا فبرى كفه الأيسر من الزند، فحمل القربة بأسنانه، فجاء سهم فأصاب القربة، فانفرت و أريق ماؤها.

ثم جاء سهم آخر في صدره، فانقلب عن فرسه إلى الأرض. و صاح إلى أخيه الحسين (عليه السلام): أدركني. فساق الريح الكلام إلى الخيمة.

فلما سمع الحسين (عليه السلام) كلامه، أتاه فرآه طريحا، فصاح: وا أخاه، وا عباساه، وا قرة عيناه، وا قلة ناصراه!. ثم بكى بكاء شديدا. و حمل العباس إلى الخيمة، فجددوا الأحزان و أقاموا العزاء وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ‌ [الشعراء: 227].

(أقول): و هذا مناقض للواقع و المشهور، من أن العباس (عليه السلام) دفن في المكان الّذي استشهد فيه، منحازا عن باقي الشهداء (عليهم السلام).

اسم الکتاب : موسوعة كربلاء المؤلف : لبيب بيضون    الجزء : 2  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست