وهي
التي منّ الله بها على عباده رأفةً منه بهم ورحمة لهم. وقد ورد الحث عليها في آيات
كثيرة وأحاديث من النبي وأوصيائه عليهم أفضل الصلاة والسلام، وقد ورد أن العبد إذا
اقترف سيئة أنظره الله تعالى سبع ساعات فإن تاب لم تكتب عليه، وإن لم يتب كتبت
عليه سيئة، ثم هو في فسحة من أمره تقبل منه التوبة ما دام فيه الروح.
فالواجب
على المؤمن عقلًا ونقلًا المبادرة إليها وانتهاز الفرصة قبل أن يفجأه الاجل أو
يسودّ قلبه من الذنوب ويطبع عليه فلا يفيق من سكرته ولا يصحو من غشيته، اولئك
الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وما ربك بظلام للعبيد.
ولابدّ
في التوبة من أمرين: الندم على الذنب، والعزم على ترك العود فيه أبداً، وبذلك
تتحقق التوبة النصوح التي ورد ذكرها في الكتاب الكريم والسنة الشريفة، فإن غلبته
نفسه وسوّل له الشيطان فعاد في الذنب كان عليه المبادرة للتوبة أيضاً، وهكذا كلما
عاد تاب حتى تقوى توبته وتستحكم حيث لا تغلق التوبة في وجهه أبداً مهما عاد رأفة
من الله ورحمة به، فإنه عزّ اسمه يحب من عبده أن لا تقعد به المعصية عن التوبة
مهما كثرت ذنوبه وعظمت عيوبه، وليحذر العبد من القنوط واليأس من رحمة الله تعالى،
فقد تقدم أن ذلك من الكبائر، وهو من أعظم وسائل الشيطان وأقوى حبائله ليسيطر على
العبد ويجرّه إلى الهلكة، أعاذنا الله تعالى منه ومن مكره وكيده.