المقام
الأول: في الموقف النفسي، الذي تقدم أنه المراد بإنكار المنكر في القلب.
وهو واجب على كل أحد، ولا يتوقف وجوبه على شيء إلا العلم بالمعروف والمنكر حيث لا
يحتاج إلى مؤنة بعد ذلك، ومن ثَم كان من لوازم كمال الايمان التي لا تفارقه، بل هو
روح الايمان بالدين وجوهره.
ويترتب
عليه أن المؤمن إن صدرت منه الحسنة سرّته وأنس بها، وإن صدرت منه السيئة ساءته
وندم عليها وأنّب نفسه، وعلى هذا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة
(عليهم السلام) قولهم: «من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن». وكذا إذا صدرت
الحسنة من غيره فهو يأنس بها ويبارك له، وإن صدرت السيئة من غيره أنكرها في نفسه
وأنكر عمله، وعلى هذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: «إنما يجمع الناس
الرضا والسخط، فمن رضي أمراً فقد دخل فيه ومن سخطه فقد خرج منه».
واللازم
على المؤمن شدة الاهتمام بهذه الجهة والحذر من التفريط فيها. فإن كثرة وقوع المعاصي
في المجتمعات الفاسدة والفَتها والتعوّد عليها قد توجب خفّة الاستياء منها والغضب
لها، حتى يغفل المؤمن عن قبحها، ويأنس بها تدريجاً كما أن قلة المعروف وندرته قد
توجب إنكاره والنفرة منه، فيصير