اسم الکتاب : منتخب الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهار(ع) المؤلف : الإسكافي، محمد بن همّام الجزء : 1 صفحة : 8
يجر البحث في علاقة بعضها ببعض، فبين الحوادث في ترتبها الزمني علاقة الأسباب بالمسببات، فعلينا من أجل المعرفة الصحيحة بالتاريخ أن نكتشف العلاقة بين أحداثه من حيث كون بعضها عللا و بعضها معلولات، و من هنا فقط يكتسب التاريخ معناه و تتضح حركته و صيرورته.
ثمّ إنّ هناك عملية اخرى يزاولها المؤرّخ و الدارس في التاريخ، تمثل الخطوة الأكثر تقدّما: ألا و هي البحث في النتائج ذاتها، و العودة منها إلى مقدّماتها و عناصرها للوقوف على درجة التلازم و التوافق بين المقدّمات و نتائجها؛ هل هو من نوع الملازمة الضرورية، أم هو ترتّب احتماليّ؟ من هنا أصبحت المعرفة بالتاريخ أكثر من مجرّد خبرة بأحداث الزمن الماضي و أسبابها، أكثر من المعرفة بطرفي المعادلة الّتي شكّلت الحدث التاريخي في صيغته النهائية و صورته التامّة .. ذلك حين أصبحت المعرفة في التاريخ خبرة في نقل التجربة إلى الحاضر، و التدخل في عناصر الحدث لتوجيه نتائجه بالوجهة المطلوبة.
لذا فان عمل المؤرّخ لا يقتصر على تدوين حوادث الزمن الماضي، بل يتوسّع ليشمل تفسير هذه الحوادث و آثارها، و البحث عن نقاط الترابط و حلقات الوصل بينها. [1]
و هذا النوع من المعرفة بالتاريخ هي من أهم و أعلى درجات المعرفة الإنسانيّة و ليست هي من خصائص الباحث أو الناقد التاريخي وحده، بل ربّما يكون أحوج الناس إليها هم القادة السياسيون الذين يحسبون أنفسهم
[1] راجع: علم التاريخ و مناهج المؤرّخين؛ صائب عبد الحميد، ص 13- 16.
اسم الکتاب : منتخب الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهار(ع) المؤلف : الإسكافي، محمد بن همّام الجزء : 1 صفحة : 8