اسم الکتاب : مقامات الزمخشري المؤلف : الزمخشري الجزء : 1 صفحة : 74
أن يفتقر بعد غنيته. و لا يقع النفاد في كنزه و قنيته (1) . ثمّ إنّه مع أنّ يساره لا يفضله يسار. و لا يضبط حسبان (2) ما يملك يمين و لا يسار. أخفّ الناس شغلا و مؤونة. و أغناهم عن إرفاد و معونه.
لا يهمه مكيل و لا موزون. و لا يعنيه مدّخر و لا مخزون. مفاتحه لا تنوء (3) بالعصبة أولي القوّة. على أنّه أوفر من قارون سعة و ثروة.
من قنع بالنّزر اليسير أيسر. و من حرص على الجمّ (4) الغفير أعسر. ق-
«عجبت اثيلة أن رأتني مخلقا # ثكلتك أمك إن ذاك يروع
قد يدرك الشرف الفتى و رداؤه # خلق و جيب قميصه مرقوع»
و أصله من الصخرة الخلقاء و هي الملساء. لأن الثوب إذا بلي املاس و معنى اخلاق أديم الوجه و هو بشرته الذهاب بمائه و طرآته إذا ابتذل بالسؤال.
(1) القنية: إسم ما يقتني من المال. يقال: قناه يقنوه إذا جمعه و اقتناه. مثل اجتمعه كقولك: ذخر المال و ادّخره و خبأه و اختبأه.
(2) الحسبان بالضم: الحساب. و بالكسر المحسبة. قال اللّه تعالى (اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرُ بِحُسْبََانٍ)[1] .
(3) ناء ينوء إذا مال. و ناء به أماله و معنى قوله تعالى: لتنوء بالعصبة: لتميلهم لثقلها فلا يقدرون على النهوض بها، و منه قولهم إفعل كذا على ما يسوءه و ينوءه قال الفراء: أراد ينيئه و لكنه قيل ينوءه للإزدواج و يجوز أن يكون اتباعا للتأكيد لا غير أراد أن القانع أغنى من قارون و هو خفيف الظهر عن جر ثقاله.
(4) الجم الكثير و الغفير اتباع له يؤكده من الغفر و هو الستر كأنه يستر الأرض بكثرته.