اسم الکتاب : مقامات الزمخشري المؤلف : الزمخشري الجزء : 1 صفحة : 43
بحرف. أو ترمي إلى أحبّ خلق اللّه اليها بطرف. كلاّ و لو كنت ممّن يعطف (1) الأعنة بإصبع. و يتبسّط (2) في مهابّ الرياح الأربع (3) لشغلك التألم عن كبرياء سلطانك. و لأدرج تلك الأعنة تحت مطاوي نسيانك. هذا و إنّ الجمرة و القطرة كلتاهما هنة (4) يسيره. و مدّة إيلامها ساعة قصيره. ثمّ إنها على ذلك لتنسيك جميع ما همّتك (1) ممن يعطف الأعنة باصبع، هو الملك العظيم السلطان، الذي استوى على الناس و قهرهم. فكأنهم خيل امتلك أعنتها. فهو يعطفها كيف شاء باصبع واحد لا يكترث بها لعزة سلطانه و نفاذ أمره. و هو من باب التخييل و تصوير الحالة الدالة على التصرف كقوله عزّ و جل (وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيََامَةِ وَ اَلسَّمََاوََاتُ مَطْوِيََّاتٌ بِيَمِينِهِ)[1] و هو من قول البحتري: «يثني الأعنة كلهنّ باصبع» .
(2) تبسط في البلاد تغلب عليها و انتشرت فيها آثار غلبته و سلطانه.
من قولهم: تبسط فلان في بلد كذا إذا سار فيه طولا و عرضا، و تبسط في الأرض: تمدّد عليها مستلقيا.
(3) الرياح الأربع: القبول التي تهب إلى قبل الكعبة: و هي الصبا و الدبور التي تهب إلى دبرها، و الجنوب التي تهب إلى جنبها الأيمن، و الشمال التي تهب إلى شمالها.
(4) الهن و الهنة: كنايتان عن المذكر و المؤنث من الأجناس، كما كني بفلان و فلانة عن الاعلام. و نظير هنة سنة و عضة في أن لامها واو أو هاء بدليل هنيهة و هنوات كما يقال: سنوات و سانهت النخلة و عضوات و عضاة.