اسم الکتاب : مقامات الزمخشري المؤلف : الزمخشري الجزء : 1 صفحة : 214
مقامة الصدق
مقامة الصدق يا أبا القاسم كلّ سيف يحادث (1) بالصّقال. دون لسان يحدّث بصدق المقال. فلا تحرّك لسانك بالنطق. إلاّ إذا كان النطق بالصّدق. و صنه من خطأ الكذب و عمده. كما يصان اليمانيّ في غمده. إنّ الحسام يذهب برونقه الصّدا. و الكذب للّسان من الصّدأ أردى. أصدق حيث تظن أنّ الكذب يفيء عليك المغانم. و لا تكذب حيث تحسب أن الصدق يجر إليك المغارم. فما يدريك لعلّ الصّدق يفيض عليك بركته فتجدي و تسعد. و الكذب يدهمك بشؤمه فتكدي و تبعد (2) . و هب (3) أن الأمر جرى على حسب (1) محادثة السيف: تعهده بالصقل. قال زيد الخيل:
«أحادثه بصقل كلّ يوم # و أعجمه بهامات الرجال»
(2) و تبعد: أي تهلك. و البعد و البعد بمعنى كالرشد و الرشد إلا أنهم خصوا البعد بالبعد الذي هو البعد الأعظم و هو بعد الفناء. و قالوا فيه، بعد يبعد فغيروا بناء فعله عن بناء فعل البعد و نظيره قولهم في الضمان الخاص بالشر الوعيد. و قولهم في فعله أوعد و توعد فغيروه عن بناء الوعد الذي هو ضمان في الخير و عن بناء فعله الذي هو وعد.
و الدليل على أن معناهما واحد قوله:
«يقولون لا تبعد و هم يدفونني # و لا بعد إلا ما يواري الصفائح»
(3) معنى هب: اجعل. يقال: وهبني اللّه تعالى فداك. و رأيتها-
اسم الکتاب : مقامات الزمخشري المؤلف : الزمخشري الجزء : 1 صفحة : 214