اسم الکتاب : مقامات الزمخشري المؤلف : الزمخشري الجزء : 1 صفحة : 212
الجدّ في ترك الهزل. و اصدر في تدبير أمرك عن الرأي الجزل. لا تغرس إلاّ ما تلين غدا ليدك مثانيه و معاطفه. و يطعمك الحلو الطيب مجانيه و مقاطفه. و لن يتمّ لك ذلك إلاّ إذا حفظت شربك ممّا يعافه السّاقي و الشّارب. و نفضت سربك (1) ممّا يخافه السّاري و السّارب (2) .
إنّ معاصي المسلم كالسّباع العادية في شوارعه (3) . و كالأقذاء المتعادية (4) في شرائعه. و أنّى لك أن تضرب في طريق عمّاره سباع. و أن تشرب من اناء أقذاؤه (5) تباع. و اجعل مرمى بصرك (1) السرب: الطريق. يقال: خل سربه. قال ذو الرمة:
«خلى لها سرب أولاها و هيجها # من خلفها لا حق الصقلين هميم»
و فلان ينفض الطريق. و هو من فصيح الكلام. أي: ينفى عنه ما يقذره و من يعبث فيه و ينفض الثوب لينفى عنه التراب و غيره من الأذى و فصاحته الاستعارة.
(2) السروب: السير بالنهار. قال اللّه تعالى (وَ سََارِبٌ بِالنَّهََارِ)[1] .
(3) الشارع: الطريق الأعظم الذي يشرع فيه الناس عامة. و الجمع شوارع. و الدور الشوارع: التي تشرع أبوابها إلى الشارع. يقال دار فلان شارعة.
(4) المتعادية: المتتابعة. و قد عادى بين الشيئين إذا والى بينهما عداء. قال رجل من بني ضبة يوم الجزع:
«قتلنا عداء خمسة من سراتهم # نواء فما أوفوا بزيد الفوارس»
(5) اقذاؤه تباع: بمعنى متتابعة. و هو مصدر تابعه، إذا والاه.