responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقابس الأنوار و نفائس الأسرار المؤلف : التستري، الشيخ اسد الله    الجزء : 1  صفحة : 34

يوجب تاويل الادلة السّمعيّة كما صرّح به جماعة من العلماء الاجلة بل قد يقال لا مجال للقول بانّ الصّاعد جزء من الف الف جزء من النّازل فيلزم كون الصّاعد عندهم معدّا لانقلاب الهواء ماء فيكون حدوث معظمه في السّماء نعم لو اتفق تصاعد البخار و انعقاده سحابا ماطرا كما قالوا و حكى عن جماعة من اكابر الحكماء الإسلاميّين و سكّان الجبال انّهم شاهدوا ذلك و يظهر من بعض الاخبار وجود هذا النّوع من المطر أيضا فالحكم ثابت فيه و يمكن تعميم الآية له بان يراد من السماء حجتها او المزن اى السّحاب كما ذكر في بعض الآيات او يراد بالانزال من السّماء كونه باسباب سماوية توجب التّصاعد و الانعقاد على نحو ما ذكر و اللّه يعلم و منه قوله تعالى وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطٰانِ و هذا اذا لوحظ بنفسه من غير نظر الى شان نزوله و ان كان هو المناسب لعجزه فتقريب الاستدلال به ظاهر ممّا سبق و يتأكّد هنا بالتصريح بحصول التطهير بالماء و جعله من جملة فوائده المقصودة من انزاله و التعبير بالمضارع المشعر بدوام ذلك و استمراره و المشهور كما نقل انه نزل في بدر لما سبق الكفار الى الماء فاضطر المسلمون و نزلوا على تلّ من رمل سيّال لا يثبت فيه اقدامهم فباتوا ليلتهم على غير ماء فاحتلم اكثرهم و تمثل لهم ابليس و قال تزعمون انكم على الحق و تصلّون بالجنابة و على غير وضوء و قد اشتد عطشكم و اذا اضعفكم العطش قتلوكم كيف شاءوا فانزل اللّه عليهم المطر و زالت تلك العلل و قويت قلوبهم و نزلت الآية و نقل انهم اتخذوا الحياض عدوة الوادى و سقوا الركاب و اغتسلوا و توضّئوا فالمراد بالتطهير رفع الحدث الاصغر و الاكبر اى الجنابة او مع رفع الخبث اى المنىّ و البول أيضا لإلجاء ضرورة الحاجة في ذلك الوقت الى الجميع و احتمال ان يراد بالوضوء و التوضّؤ ما يتناول رفع الخبث المذكور و المراد برجز الشيطان وسوسته او العذاب المترتب على قبول ذلك او على اطاعته او اثر الاحتلام الّذي هو من فعله و تخييله و حكى الراوندى اطباق المفسرين على الاخير و قال ابن زهره انه المروى في التفسير و المراد باذهابه ازالته على النحو المعتبر في الشّرع و يتحقق في الجملة بكل من الغسل و الغسل كما يتحقق بهما و على اىّ ذلك حمل اريد بالتطهير ما عداه مع احتمال اشتراكهما فيما يندرج تحتهما معا و ذكر الخاص بعد العام للاهتمام بشانه و هذه الآية قد نزلت بناء على ما سبق في اعظم اقسام الحدث و الخبث فيستفاد منه الحكم في الباقى أيضا مع انه لا غرض لنا هنا بذلك و اما عموم الحكم لجميع المياه فلمّا هو معلوم من انّ الامتنان بذلك الماء لما لم يكن بخصوصيّة له في التّطهير بل لفقد غيره فالغرض ان ينتفع به في التطهير و الشّرب و السّقى و غيرها من المقاصد كما ينتفع بغيره و امّا ما روى في الكافى و غيره عن الصّادق ع انّه قال قال أمير المؤمنين ع اشربوا ماء السّماء فانّه يطهر البدن و يرفع (يدفع) الاسقام ثم تلا هذه الآية فظاهره و ان اقتضى كون التطهير مستعملا في غير معناه الشّرعى و مختصّا بماء المطر فهو لا يدفع ما ذكرنا مع وضوحه و اشتهاره اذ لا مانع من استفادة المعنيين من الآية كما قرر في نظائرها و في الخبر دلالة على عموم الآية لجميع مياه السّماء كما ذكرنا و هذا كله فيما يدل على الحكم من الكتاب و امّا السّنة فمتواترة بالمعنى و قد مضت جملة منها في ضمن بيان الآيات و يأتي كثير منها في محالها المناسبة لها و من جملتها ما في الصّحيح عن الصّادق ع قال كان بنو اسرائيل اذا اصاب احدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض و قد وسع اللّه عليكم باوسع ما بين السّماء و الارض و جعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون و في ارشاد الديلمى عن أمير المؤمنين ع انه قال في ذكر فضل نبيّنا ص و امّته على ساير الأنبياء و اممهم انّ اللّه سبحانه رفع نبيّنا الى ساق العرش فاوحى اليه فيما اوحى كانت الامم السّالفة اذا اصابهم اذى نجس قرضوه (من) عن اجسادهم و قد جعلت الماء طهورا لأمّتك (عن) من جميع الانجاس الاخباث و الاحداث معا و يؤيد ذلك ما بعده و لا ينافيه ما قبله و في مصباح الشّريعة عن الصّادق ع اذا اردت الطّهارة و الوضوء فتقدم الى الماء تقدّمك الى رحمة اللّه فانّ اللّه قد جعل الماء

و مفتاح قربته و مناجاته و دليلا الى بساط خدمته فكما انّ رحمته تطهر ذنوب العباد كذلك النّجاسات الظّاهرة يطهّرها الماء لا غير قال اللّه تعالى وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيٰاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً و قال عزّ و جلّ وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ و كما أحيا به كل شيء من نعيم الدنيا كذلك بفضله و رحمته جعله حيوة القلوب و الطاعات و تفكر في صفاء الماء و رقّته و طهوره و بركته و لطيف امتزاجه بكل شيء و في كل شيء و استعمله في تطهير الاعضاء الّتي امرك اللّه بتطهيرها الى ان قال و لنكره صفوتك مع اللّه تعالى في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين انزله من السماء و سمّاه طهورا و طهر قلبك بالتقوى و اليقين عند طهارة جوارحك بالماء و هذه الرّوايات كما تدل على المطلوب تدلّ على معنى آية الطّهور و الطّهور و انّما خرجنا عن وضع الكتاب في هذا المقام مع ظهور نفس الحكم و خلوة من شوائب الابهام لكثرة ما وقع بينهم فيما بيّناه من التّشاجر و الخصام من قديم الايام و فيما اوردناه بيان قاطع مقنع لأولي الافهام

مقباس يثبت الحكم الذى سبق لكلّ ماء مطلق

على اختلاف محاله و احواله و تكثر اسمائه بحسب اقسامه ما لم يخرج بعارض عرفى او شرعىّ يأتي ذكرها عن حاله او حكمه في اصل خلقته و الاصل في ذلك بعد الاصل و الاجماع من العلماء كافة كما في المعتبر و المنتهى و التنقيح و غيرها بل الضّرورة من الدّين كما في المفاتيح اطلاق الادلة المتقدمة و نظائرها و عموم بعضها فماء البحر طهور مطلقا عذبا كان او ملحا وجد غيره أم لا قلنا ان ملوحته جعلت بمقتضى الحكمة في اصل الخلقه و إن كانت من الطّبيعه او انها عرضت بمخالطة اجزاء ارضيّة محترقة مرّة و ذلك لما ذكر هنا و للإجماع عليه بخصوصه كما اشير اليه سابقا و لما رواه العامة بطرق عديدة انّ رجلا قال يا رسول اللّه انّا نركب البحر و نحمل معنا القليل من الماء فان توضّأنا به عطشنا أ فنتوضّأ بماء البحر فقال ص

اسم الکتاب : مقابس الأنوار و نفائس الأسرار المؤلف : التستري، الشيخ اسد الله    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست