responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقابس الأنوار و نفائس الأسرار المؤلف : التستري، الشيخ اسد الله    الجزء : 1  صفحة : 32

صالحا لذلك او اعتبر تكثر اجزاء ما يطهر به لعدم انحصار تطهير كل جزء من اجزاء الماء في الجزء الواحد فبذلك تحصل الكثرة و المبالغة نظرا الى تزايد العمل و تكثر الاثر و إن كان الوصف هنا باعتبار القابلية لا الفعلية و هذا المعنى مما يعتبره الأدباء في المبالغة الا ترى انهم اذا ارادوا المبالغة في مدح احد بالشجاعة او الحسن و الصّداقة يقولون رايت منه اسد و قمرا ولى منه صديق حميم فينتزعون من موصوف بصفة ما يماثله فيها للمبالغة في كمالها في المنتزع منه و يسمّى ذلك في علم البديع بالتجريد و له اقسام عديدة فيكون ما نحن فيه أيضا في الاصل من هذا الباب و قد تقدم عن النّهاية توجيه ذلك بانّ المبالغة تقتضى انّ الماء قد تناهى في الطّهارة حتى بلغ ان يطهر غيره و هو وجه قريب و امّا نفس دوام الطهارة باعتبار عدم زوالها بادنى سبب فمع اختصاصه ببعض المياه لا يصلح ان يكون وجها للمبالغة كما لا يخفى اذا عرفت هذا فاعلم انّ الطهور المذكور في الآية يقتضى بجميع الوجوه المزبوره كون الماء طاهرا و مطهرا الّا انّ وجه الدّلالة عليهما يختلف باختلاف تلك الوجوه فقد تكون دلالته عليهما بالاصالة و قد يكون دلالته على احدهما بالاصالة و على الاخر بالتبعيّة و وجه تبعيّة المطهريّة للطهارة بحسب الدّلالة و الوضع قد علم ممّا سبق و امّا وجه عكس ذلك فهو ما علم من ساير الادلّة من انه لا يصلح لأنّ يستعمل في التطهير شرعا الا ما كان طاهرا فكل ما ثبت كونه مطهّرا فلا بدّ ان يكون طاهرا فاذا دلّت الآية على كون الماء مطهّر دلّت بالالتزام على طهارته أيضا و لو فرضنا كونه مشتركا بين المبالغة و غيرها بحسب الوضع و الاستعمال معا او بحسب الاستعمال خاصّة لزم حمله في الآية أيضا على ما قلنا او كان الاولى ذلك لأنّ الطّهارة الماخوذة في معناه هى الطّهارة الشرعية اجماعا و للآية الآتية و الاخبار المروية في طهورية التراب و غيرها و لثبوت الحقيقة الشّرعيّة فيها كما حقق في الاصول و لا ما عدا المعنى الشّرعى ليس ممّا يعتد به الشّارع حتى يبيّنه و يمتّن به و قد حمل الاذهاب في الآية الآتية على ما هو المعتبر شرعا فما نحن فيه اولى بان يحمل على ذلك على انه المراد منه بخصوصه و حينئذ لا ينبغى قصد مجرّد المبالغة لان الطّهارة الشرعيّة لا تقبل الزيادة و الشدّة و لا سيّما في نظر الشّارع الذى كلامنا في كلامه فينبغى ان يكون المقصود ما ذكر سواء كان على وجه الحقيقة أم على وجه المجاز و قد اعترف الزمخشرى و المطرزى بانّه اذا فسّر في الآية بذلك على ان يجعل شرعا لبلاغة الماء في الطّهارة كان سديدا فينبغى حينئذ اخذ ذلك في المبالغة حيث يكون مدلولا للفظ و مرادا منه لما ذكرنا و لان بلاغتها الّتي لا تبلغ حد المطهرية توجد في غير الماء و التراب و لا يطلق عليه اسم الطّهور و لو فرضنا كونه موضوعا لإفادة مجرد الطّهارة خاصة اذا كان صفة كما يظهر من مفردات القران و موضع من مجمع البيان في تفسير آية الحيض او لذلك و لغيره أيضا كما سبق عن الكشّاف و غيره و يوهمه عبارة المحيط و قد يتوهّم من بعض العبادات نسبته أيضا الى سيبويه فالظاهر أيضا ما ذكرنا من المعنى الاسمى او الوصفي لا المعنى المزبور و قد صدر من الطّبرسى في الموضع المذكور من المجمع لإثبات هذا المعنى ما يفضى الى العجب كما بيّنا ذلك مع فوائد اخر في رسالتنا الموسومة باللؤلؤ المسجور و بتطهير الطّهور من شبهات بعض الجمهور و لعله وجد ذلك في كلام بعض المخالفين فاورده جريا على عادته غفلة عن فساده و قد وافق الاصحاب في تفسيراته الطّهور كما مر الّا انه في جامع الجوامع تبع صاحب الكشاف هنا أيضا و هو غريب من مثله و اذ قد احطت خبرا بما تلوناه فاعلم انه متى كان طريق صحيح لحمل الطهور في الآية على ارادة معنى التطهير فهو المتعين او الظاهر لبداهة طهارة الماء و جواز شربه و عدم وجوب التّجنب عنه و عمّا يلاقيه و لا سيّما ما نزل منه من السماء و كون الحاجة الى طهارته من مقتضيات الضّرورة كالتنفّس في الهواء خصوصا اذا قلنا بانحصار الماء فيما نزل من السّماء و ضرورية خلوّه من تطرق شوائب الشّبهة في اصل الخلقة و معلوميّة مشاركته في ذلك لغيره ممّا خلق لمثل ماله من المنفعة و كون ذلك مستنبطا على وجه العموم من ساير الآيات المقتضية أيضا لطهارة غيره و على وجه الخصوص ممّا تضمن

جملة من فوائده الّتي لا تتم بدون طهارته و كذا من وصفه فيها بكونه مباركا و من انّ به حيوة كلّ حىّ و منه اصل الخلق و لا يخلو ما عداه منه الا ما قل و انّه اوّل ما خلق من الاجسام و انّ ساير النعم بدونه من البلايا و الآلام و لكون التّطهير به من اجل فوائده و اعمّها و اولاها بالذكر و بالامتنان به و لا سيّما مع ثبوته لهذه الامة في جميع الاخباث بخلاف ساير الامم او بعضهم كما يأتي الاشارة اليه في الاخبار و كون المطهّرية من صفات كل ما يوصف منه بالطّهور اجماعا فينبغى ان تلحظ في اطلاقه مع امكان ذلك كما قلنا و لاقتضاء غلبة اطلاق الطهور عليه او عليه و على التراب لوجود مزيد خصوصيّة فيما أطلق عليه لا توجد في سائر الأشياء و ليست الّا ما ذكرناه و لا بدل الطهور في الآية الآتية بقوله لِيُطَهِّرَكُمْ خصوصا على قراءة ما فيها بالقصر و عدم وجدانه في الاخبار الّا لإفادة معنى التّطهير على اختلاف موارده فينبغى ان يكون هو المراد منه هنا لأنّ الآيات يكشف بعضها عن بعض و المتشابه منها يحمل على المحكم منها او من الاخبار و قد فسّر في شربا طهورا بذلك أيضا كما مضى فمع جميع ذلك كيف يتصور انّ الحكيم تعالى شانه يستعمل في تلك الآية من كتابه الذى فيه تبيان كل شيء لإفادة مجرّد طهارة الماء و يقتصر فيها على بيانها و الامتنان بها دون تلك الفائدة العظيمة و المنفعة الجسيمة هذا لا يكون ابدا و ان حسن التذكير بالنعم باسرها

بقى الكلام في امور يتم بها المرام

احدها

انّه ورد في النبوي المشهور خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شيء الّا ما غيّر لونه او طعمه او ريحه و في الدّعاء العلوىّ المندوب عند الشروع في الاستنجاء و الوضوء الحمد للّه

اسم الکتاب : مقابس الأنوار و نفائس الأسرار المؤلف : التستري، الشيخ اسد الله    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست