بلغ ثلاثين و مائة سنة. و الأوّل أثبت؛ و روي عن الفرزدق أنّه قال: خضت في الهجاء في أيّام عثمان. و كان الفرزدق سيدا جوادا فاضلا وجيها عند الخلفاء و الأمراء، هاشميّ الرأي، في أيّام بني أميّة، يمدح أحياءهم، و يؤبن موتاهم، و يهجو بني أميّة و أمراءهم؛ هجا معاوية بن أبي سفيان، و زياد بن أبيه، و هشام بن عبد الملك، و الحجّاج بن يوسف، و عمر بن هبيرة، و خالدا القسريّ و غيرهم.
و اختلف فيه، و في جرير، أيّهما أشعر، و أكثر أهل العلم يقدّمونه على جرير، و قد فضّله جرير على نفسه في الشعر، و له في جرير [1] : [من الكامل]
ليس الكرام بناحليك أباهم # حتى تردّ إلى عطيّة تعتل [2]
و قال جرير: ما قال لي الفرزدق بيتا إلاّ و قد أكببته، أي: قلبته، إلاّ هذا البيت فإنّي ما أدري كيف أقول فيه. و يروى أنّ بني كليب قالوا: لم نهج بشعر قط أشدّ علينا من قول الفرزدق [3] :