responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معالم المدرستين المؤلف : العسكري، السيد مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 242

في ضوء ما بيّناه من مشاورات الرسول (ص) يتّضح لنا جليّا أنّه لم تكن الغاية من تلك المشاورات أن يتعلم الرسول (ص) من أصحابه الرأي الصائب ليعمل به، بل كانت الغاية أحيانا أن يعلمهم الرسول (ص) بأسلوب المشورة الرأي الصائب الّذي كان يعلمه الرسول (ص) مسبقا ليعملوا به.

كما كان شأن مشورته إيّاهم في غزوة بدر، فإنّ اللّه كان قد أعلم رسوله (ص) النتيجة مسبقا من أنّهم سيقاتلون قريشا و ينتصرون عليهم، و بعد المشاورة أعلمهم الرسول (ص) نتيجة الأمر، و أراهم مصارع قريش.

إذا كانت الغاية من المشاورة توجيه المسلمين بأسلوب المشاورة إلى ما ينبغي أن يعملوه خلافا لأسلوب الملوك الجبّارين الّذين يملون آراءهم على الناس بقولهم مثلا: نحن ملك... أصدرنا أمرنا الملكي بكذا....

و إنّ صدر الآية يدلّ بوضوح على ما ذكرنا، فإنّه تعالى قال: فَبِمََا رَحْمَةٍ مِنَ اَللََّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شََاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ... آل عمران/159. فالمشاورة هنا من مصاديق اللّيونة و كونها رحمة من اللّه، اللّتين وردتا في صدر الآية.

تارة تكون الغاية من المشاورة الملاينة كالمثال السابق، و تارة تكون الغاية تربية نفوس المسلمين، كما كان شأن المشاورة في غزوة أحد، فإنّ رسول اللّه (ص) بعد أن أخذ برأيهم و لبس لامة حربه بقصد السير إلى أحد، ندموا على إلحاحهم على الرسول (ص) بالخروج، و قالوا: يا رسول اللّه (ص) ما كان لنا أن نخالفك، فاصنع ما بدا لك. فقال: «قد دعوتكم إلى هذا فأبيتم، و لا ينبغي لنبيّ إذا لبس لامته أن يضعها حتّى يحكم اللّه بينه و بين أعدائه» .

يظهر من المحاورات الّتي دارت بين الرسول (ص) و أصحابه في هذه الواقعة، أنّ عدم استجابة الرسول (ص) لرغبتهم العارمة في الخروج كان يؤثر على نفوسهم تأثيرا سيّئا، و يولد فيهم ضعف النفس و التردّد و عدم الإقدام في

اسم الکتاب : معالم المدرستين المؤلف : العسكري، السيد مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست