انهمك الناس في شربها و استحقروا ضرب الأربعين، شاور عمر الصحابة في ذلك فقال علي ((عليه السلام)): نراه إذا شرب سكر و إذا سكر هذى و إذا هذى افترى و على المفتري ثمانون، فبلغوا به حد المفتري فأخذ عمر بهذا القول من علي ((عليه السلام)) و صار يجلد في الخمر ثمانين.
و في هذه القصة إشارة إلى احاطة علي ((عليه السلام)) بمادة غزيرة من الفقه، حيث رد الفرع إلى الأصل و جعل للملزوم حكم لازمه و استخرج ما ذكره فلم يخالفه فيه أحد.
و لقد قال ابن عباس (رض): خطبنا عمر فقال: علي أقضانا و أبو بكر أقرأنا و إنا لنترك أشياء من قول أبي بكر.
و نقل أن عمر جمع أصحاب النبي ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) يستشيرهم و فيهم علي ((عليه السلام)): فقال له: قل يا أبا الحسن فأنت أعلمهم و أفضلهم.
و قال ابن عباس: أعطي علي ((عليه السلام)) تسعة أعشار العلم و إنه لأعلمهم بالعشر الباقي.
الفصل السابع: في عبادته و زهده و ورعه:
أما عبادته ((عليه السلام)) فاعلم سلك اللّه (تعالى) بنا و بك سبيل السعادة أن حقيقة العبادة هي الطاعة، فكل من أطاع اللّه تعالى و قام بامتثال الأوامر و اجتناب المناهي فهو عابد، و لما كان متعلقات الأوامر الصادرة من اللّه تعالى على لسان رسوله ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) متنوعة، كانت العبادة بحسب ذلك متنوعة، فمنها الصلاة و منها الصدقة و منها الصيام إلى غيرها من الأنواع و كل ذلك كان علي ((عليه السلام)) قائما فيه مقبلا عليه مسارعا إليه متحليا به، حتى ادرك بمسارعته إلى طاعة اللّه و رسوله ما فات غيره، فإنه جمع بين الصلاة و الصدقة فتصدق