هذه الكرة التي هي أرضنا و مسكن أحيائنا و مدفن أمواتنا، مواتها و عامرها أنهارها و بحارها و فضائها المحيطة بها المحتاج إليها لحياة ساكنيها أكثر من حاجتهم إلى أرضها و مائها.
و نظيرهما ما تحت الأرض أي داخلها فيما زاد عن حاجة ساكنيها بحفر بئر و نحوها فهو ملك لوالي المسلمين و يتبعها معادنها.
تنبيهان:
الأول: قد عدت المعادن في النصوص و الفتاوى من الأنفال و مقتضاه كونها جميعا للإمام و ولي أمر الأمة فيصرفها فيما شاء كما عرفت، و قد ورد نصوص أيضا في باب الخمس ان المعادن لمن وجدها و استخرجها فيملكها، و يستحق الإمام منها الخمس و عليه فيقع التعارض بين الآيتين كنصوص الطرفين، لكن الظاهر عدم التعارض فإنه لا مانع من القول بكون جميع المعادن للإمام ابتداء بالحكم الشرعي الأصالي، لما دل على أنها من الأنفال و ما دل على أن الأنفال له، و القول بان المستخرج يمتلكها منه ثم يرد خمسها إليه لما دل على ان الإمام قد أباحها لشيعته فللشيعة تملكها و اغتنامها ثم إخراج خمسها إلى إمام لما دل على أن ما غنمه فيه الخمس.
الثاني: انه يظهر من النصوص دخول الغنائم الحربية المأخوذة من الكفار بالغلبة، في آية الأنفال لأنها غنيمة أو زيادة فتكون جميعها للّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و لا إشكال في شمول آية الغنيمة لها أيضا لأنها مما غنمه المسلم فيكون للإمام خمسها فبين الآيتين معارضة في مورد الغنائم و إن كان بينهما عموم من وجه، مورد افتراق آية الأنفال سائر مصاديقها و آية الخمس سائر مصاديقه.
و يمكن الجواب بأن آية الأنفال نازلة قبل آية الخمس كما يظهر من نفس السورة الشريفة فإن مقتضى حكم التاريخ و دلالة النصوص انه بعد حصول الظفر للمسلمين في بدر و حيازتهم الغنائم من الأموال و الأسرى، حصل بين العسكر المقاتلة اختلاف و مجادلة كلامية في كيفية قسمة الغنائم، فإن القوم كانوا على طوائف ثلاث، المحاربين، و المشتغلين بجميع الغنائم و الإسراء، و الحافظين لوجود النبي الأقدس صلّى اللّه عليه و آله، فمن قائل ان الغنائم