الإسراف في اللغة التبذير و التجاوز عن الحد و الإفراط في الأمر، يقال أسرف المال بذره و أفرط في صرفه، و في المجمع و قد فرق بين التبذير و الإسراف في أن التبذير الإنفاق فيما لا ينبغي، و الإسراف الصرف زيادة على ما ينبغي انتهى. و في المفردات السرف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان و إن كان ذلك في الإنفاق أشهر، و يقال تارة اعتبارا بالقدر و تارة بالكيفية انتهى. و التبذير التفريق و أصله إلقاء البذر و طرحه فاستعير لكل تضييع للمال.
ثم ان الظاهر أن المراد بالإسراف الذي ذكره الأصحاب في الفقه هو ضد القصد، أي التجاوز عن حد الاستواء عند الشرع و العقلاء في الفعل و المال، و من أظهر مصاديقه صرف المال في المصارف المحرمة، أو صرفه زيادة عن مقدار الحاجة بحيث بعد عبثا، و لعل الأول ما سماه في المجمع بالتبذير و الثاني ما سماه بالإسراف، أو الأول ما يقال من أنه أكل ما لا يحل، و الثاني مجاوزة الحد فيما يحل، و عن ابن مسكويه ان الأول الجهل بمواقع الحقوق، و الثاني الجهل بمقادير الحقوق و الأول يقال اعتبارا بالكيفية و الثاني اعتبارا بالقدر انتهى.
ثم انهم استدلوا على حرمة الإسراف و التبذير بدعوى الإجماع عليها بل و دعوى الضرورة من المذهب أو الدين، و بالكتاب الكريم كقوله تعالى (كُلُوا وَ اِشْرَبُوا وَ لاََ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاََ يُحِبُّ اَلْمُسْرِفِينَ) و قوله (إِنَّ اَلْمُبَذِّرِينَ كََانُوا إِخْوََانَ اَلشَّيََاطِينِ) و بالسنة كقوله صلّى اللّه عليه و آله: ان السرف أمر يبغضه اللّه تعالى، و قوله النفقة لا بد أن يكون بين المكروهين الإسراف و التقتير، فالنهي عنه و كونه مبغوضا و مكروها يدل على حرمته، و في المستند للفاضل النراقي ان حرمة الإسراف عامة في جميع المصارف فما ورد من انه لا إسراف في الطيب، أو الضوء، أو في الحج و العمرة، أو في المأكول و المشروب، ليس المراد نفي حرمة الإسراف بل المراد ان الإكثار في هذه الأمور مطلوب و التجاوز عن الحد في الجملة معفو.