للشرع فيه، كوجوب طاعة المولى إذا كان ممن أذعن بالمبدإ و لم تصل إليه الشريعة، و قد أدرك عقله حسن عدّة من الأفعال و قبحها فله الإفتاء في هذه الموارد و ان قلت و للجاهل التقليد.
و منها ما ذكره بعض من ان المراد بحكم العقل موارد بناء العقلاء و سيرتهم فإنه يستكشف بها حكم الشرع فإذا علم الفقيه بتحقق ذلك جاز له الإفتاء بمقتضاها و وجب تقليده هذا و قال الصدر الشهيد «قده»: انا لم نجد حكما واحدا يتوقف إثباته على الدليل العقلي بهذا المعنى بل كلما ثبت بالدليل العقلي فهو ثابت في نفس الوقت بالكتاب أو السنة.
الأمر الخامس: قد عرفت ان الأدلة التفصيلية الثلاثة عند الشيعة الإمامية وافية
بجميع ما تحتاج إليه الأمة الإسلامية من الأحكام الأصولية و الفروعية و سائر المعارف الدينية بل فيها غنى و كفاية لجميع المجامع البشرية على اختلاف شعوبهم و قبائلهم فيما يتعلق بعيشهم الصالح في الدنيا و سعادتهم الدائمة في الآخرة بل يكفي الكتاب و السنة فقط فيما يحتاج إليه الفقيه من أحكام مجتمعة على ما مر.
و أما أهل السنة فقد أضافوا إليها أدلة أخرى سمّوها أدلة عقلية يكثر رجوعهم إليها و الإفتاء بمقتضاها لما عرفت من حال السنة عندهم ثم ذهبوا إلى ان المستفاد منها حكم شرعي الهي يجب الالتزام و العمل به، و هي القياس و الاستحسان و المصالح المرسلة و غيرها.
و الأول-عبارة عن استنباط علة الحكم المترتب شرعا على موضوع ظنّا و تسرية الحكم إلى كل موضوع فيه تلك العلة.
و الثاني-عبارة عن انقداح حكم في ذهن الفقيه مع عدم النص فيها لكثرة ممارسته أمثال المورد.
و الثالث-هو الحكم بناء على ما يرشد إليه الذوق السليم مع لحاظ العدل و الظلم فيه و الصلاح و الفساد.