اسم الکتاب : مصابيح الأحكام المؤلف : السيد بحر العلوم الجزء : 1 صفحة : 317
الماء بدون التغيير، أو له و لطهره بزواله، المفهوم من قوله: «فينزح حتّى يذهب الريح»، أو للأخير خاصّة، على بُعد.
و على التقادير، فالحكم المعلّل بالمادّة يطّرد بوجودها في غير مورد التعليل؛ لأنّ العلّة المنصوصة حجّة- كما تقرّر في محلّه- فيجري في الجاري لوجودها فيه.
و مقتضى التعليل على الأوّلين نفس المدّعى، و هو عدم انفعال الجاري بدون التغيير.
و على الثالث ما يستلزمه؛ لأنّ زوال النجاسة بواسطة المادّة يستلزم العصمة عن الانفعال بها، لكون الدفع أهون من الرفع، على أنّ المقصود بالذات من الحديث بيان سعة الماء و عدم فساده بغير التغيير، فيجب أن يكون ذلك مقصوداً بالتعليل، و أن تكون العلّة مقتضية له، و صرفها إلى ما لا يقتضيه بعيد عن سوق الكلام، و عن الغرض المسوق له.
و منه يعلم فساد صرف التعليل إلى ذهاب الريح، و طيب الطعم، كما قيل [1]؛ فإنّه غير مقصود بالإفادة من هذه العبارة، على أنّ تعليل زوال التغيير بوجود المادّة مع خفائه، و انتفاء الحاجة إليه- لكون التغيير من الأُمور المحسوسة الظاهرة- ليس من الوظائف الشرعيّة المطلوب بيانها من كلام الأئمّة (عليهم السلام)، فلا يحمل الحديث عليه.
مؤيّدات قول المشهور:
و يشهد لما قلناه من طهارة الجاري مطلقاً:
ما دلّ على طهارة البئر كذلك، من الأخبار المستفيضة؛ لاشتراك المادّة بينهما.
و اختصاص الجاري بعدم الاستقرار المانع من الانفعال، كما صرّح به العلّامة [2]
[1]. القائل هو الشيخ البهائي في حبل المتين (المطبوع ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين): 118.