اسم الکتاب : مصابيح الأحكام المؤلف : السيد بحر العلوم الجزء : 1 صفحة : 216
ثمّ أيّد ما اختاره بورود الأخبار المصرّحة بطهارة ماء الاستنجاء، و باختلاف الروايات الواردة في تقدير الكرّ.
قال: «و الاختلاف في تقدير الكرّ يؤيّد ما قلناه من أنّه تخمين و مقايسة بين قدري الماء و النجاسة؛ إذ لو كان أمراً مضبوطاً و حدّاً محدوداً لم يقع الاختلاف الشديد في تقديره، لا مساحةً و لا وزناً. و قد وقع الاختلاف فيهما معاً» [1]، «و الوجوب لا يقبل الدرجات بخلاف الاستحباب، و قد اعترف جماعة منهم بمثل ذلك في ماء البئر» [2].
الردّ على أدلّة الكاشاني:
و لا يخفى على الناظر البصير و الناقد الخبير أنّ ما ذكره قاصر عن درجة الدليل، خارج عن قواعد التحصيل.
أمّا الأوّل؛ فلأنّ الحديث المدّعى استفاضته، مع إرساله، ليس من طرقنا و لا من روايات أصحابنا، و إن أورده بعض أصحابنا في كتبهم [3]، فإنّ ذلك بمجرّده لا يدلّ على اعتمادهم عليه. و لعلّ منشأ توهّم الاستفاضة هو الاغترار بما حكي عن ابن أبي عقيل من ادّعائه التواتر في الحديث الذي قدّمناه، و ذلك مع بعده- لاختلاف متن الروايتين و كذا المرويّ عنه- يتوجّه عليه ما مرّ هناك [4].
و ربما قيل [5]: إنّ منشأ التوهّم ما ذكره الفاضل صاحب المدارك (رحمه الله) في بحث نجاسة الماء بالتغيّر [6]، حيث قال بعد ذكر الحكم المذكور: «و الأصل فيه الأخبار المستفيضة،
[1]. الوافي 6: 36، أبواب أحكام المياه، الباب 2، ذيل الحديث 11. و فيه بدل «معاً»: «جميعاً».