فإنّه (عليه السلام) إنّما لم يسأل عن مساحتها؛ لعلمه بها، بل اقتصر على السؤال عن العمق؛ لاختلافه.
و أمّا الأخبار الدالّة على الانفعال، فقد وردت في الماء القليل المحقّق القلّة، كماء التور، و الركوة، و الطست، و نحوها من الأواني، فلذلك أجابوا عنه بالأمر بالإهراق، أو الإكفاء، أو النهي عن الوضوء و الشرب، إلى غير ذلك ممّا يدلّ على النجاسة و لم يقع الجواب في شيء منها بالتغيير و عدمه. و لو كان ذلك هو المعيار مطلقاً لأُجيب به هنا أيضاً، و لو نادراً. نعم، ورد ذلك في رواية زرارة الواردة في الأواني [2]، لكن اختلال متنها و ضعف سندها يمنعان عن التعلّق بها.
و بالجملة، فإمعان النظر في موارد الأخبار الواردة من الطرفين يعطي التفصيل الذي عليه المشهور، و يؤكّده الأخبار المصرّحة بالتفصيل، كمفهوم الصحيحين و منطوق الأخيرين [3].
و بذلك يحصل الجمع بين أخبار الطرفين، و ترتفع المعارضة و المنافاة من البين.
وجه ترجيح أخبار الانفعال:
و لَئن سلّمنا التعارض في مدلولات تلك الأخبار، لكان الترجيح لأخبار الانفعال؛ لأنّها أصحّ من أخبار الطهارة سنداً، و أوضح منها دلالةً، و لاشتمالها على ما هو نصّ
[1]. الكافي 3: 4، باب الماء الذي تكون فيه قلّة ...، الحديث 7، التهذيب 1: 442/ 1317، الزيادات في باب المياه، الحديث 36، الاستبصار 1: 22/ 54، باب الماء القليل يحصل فيه النجاسة، الحديث 9، وسائل الشيعة 1: 162، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 12.