اسم الکتاب : مصابيح الأحكام المؤلف : السيد بحر العلوم الجزء : 1 صفحة : 209
إلّا لأنّها بلغت من الكثرة بحيث لا يتغيّر بتلك الأشياء الواقعة فيها، و إلّا فنجاسة الماء بالتغيير ممّا لا ريب فيه.
و ممّا يؤيّد ذلك تضمّن بعضها السؤال عن النقيع [1]، و المفهوم منه عرفاً هو الماء الذي له استمرار و بقاء، و الغالب كثرته، فإنّ القليل يسرع إليه النفاد [2] و لا يطول مكثه.
و يؤيّده أيضاً قوله (عليه السلام) في بعضها: «توضّأ من الجانب الآخر» [3]، و في بعض آخر: «يتوضّأ من الناحية التي ليس فيها الميتة» [4]، و غير ذلك ممّا يؤدّي هذا المعنى.
و في ذلك كلّه إشعار بأنّ للماء نوع سعة، كما لا يخفى.
و أيضاً فالظاهر أنّ المياه المسئول عنها كلّها مياه الطرق الواقعة بين مكة و المدينة، أو بينهما و بين العراق، و قد نقل أنّهم كانوا يعمدون تلك الأيام إلى بعض الأمكنة، فيعملون فيها حياضاً يستقى فيها، أو أمكنة يعدّونها لاجتماع السيول و الأمطار، لقلّة المياه الجارية في تلك الطرق. و قد أُشير إلى تلك المواضع في بعض الروايات بماء السيل و السقايات، كما ورد في أخبار الصدقات [5].
و على هذا فربما وردت تلك الأخبار مجوّزة للوضوء و الغسل و سائر الاستعمالات، لعلمهم (عليه السلام) بمساحة تلك الحياض المبنيّة و الأماكن المعدّة. و يؤيّده صحيحة صفوان الجمّال، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الحياض التي بين مكة و المدينة، تردها السباع، و تلغ فيها الكلاب، و تشرب منها الحمير، و يغتسل فيها