اسم الکتاب : مصابيح الأحكام المؤلف : السيد بحر العلوم الجزء : 1 صفحة : 206
يوم القيامة» [1]، على أنّ المختار في المسألة رجحان التخصيص فيما عدا صورة العلم بتقدّم الخاصّ و العمل به، و تحقيقه يطلب من موضع آخر.
فإن قلت: الجمع بين هذه الأخبار لا ينحصر فيما ذكر من تقييد أخبار الطهارة ببلوغ الكرّية؛ لأنّ الجمع بينها يتأتّى من وجوه أُخر:
الأوّل: حمل أخبار الانفعال على استحباب الاجتناب، أو كراهية الاستعمال.
الثاني: تخصيصها بحال الاختيار، فلا يجوز استعمالها حينئذٍ، و أمّا مع الاضطرار فيجوز.
الثالث: تقييد الروايات بحصول التغيير، و معه فلا ريب في النجاسة.
و على هذا فلا يتعيّن الجمع بينها بما ذكر.
قلت: الجمع بما ذكرناه متعيّن؛ لفساد الجمع بأحد الوجوه المذكورة.
أمّا الوجهان الأوّلان، فلما سيجيء عند نقل كلام بعض الأعلام.
و أمّا الأخير، فلأنّه لا يتأتّى في كثير من أخبار الانفعال، كمفهوم الصحيحين: «إذا كان الماء قدر كرٍّ لم ينجّسه شيء» [2]؛ فقد عرفت [3] أنّ المراد من «شيء» المحكوم عليه بعدم التنجيس في المنطوق هو غير المتغيّر؛ إذ لا ريب في نجاسة الكرّ بتغيّره بالنجاسة*، فيكون المفهوم حينئذٍ: إذا كان أقلّ من الكرّ ينجّسه شيء غير المتغيّر.
*. جاء في حاشية «ل» و «د» و «ش»: «اعلم أنّ الروايات التي تأبى الحمل على التغيير كثيرة، و هي الأخبار الدالّة بمفهومها على نجاسة ما دون الكرّ، كصحيحتي محمّد بن مسلم، و صحيحة معاوية بن عمّار، أو لزم منها ذلك بطريق عكس النقيض، و هي صحيحة إسماعيل بن جابر، و مرسلة ابن أبي عمير الواردة في التحديد بالأرطال، و رواية زرارة الواردة في الراوية، و حسنة المعلّى بن الخنيس، و حسنة أبي بكر الحضرمي، و أخبار
[1]. الكافي 1: 58، باب البدع و الرأي ...، الحديث 19، و 2: 17، باب الشرائع، الحديث 2، بتفاوت يسير فيهما.
[2]. قد سبق تخريجهما في الهامش 3 و 4 من الصفحة 91.