اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 97
الظاهر و الباطن. فلهذا لو جاء العبد يوم القيامة و في ميزانه الجبال الراسيات من الأعمال الصالحات، و ليس فيه ولاية علي التي هي كمال الدين، و رجح الموازين لا بل كمال سائر الأديان، لأن دين محمد كمال كل دين و ختم كل شريعة للنبيّين و تصديقا للمرسلين، و حبّ علي كمال هذا الكمال، و ختم هذا الخاتم و تمام هذا المتمّم و المكمّل للكمال كمال الكمال، و الكمال جمال فحبّ علي كمال كل دين، لأن اللّه لم يبعث نبيّا يدعو الناس إليه و يدل عباده عليه، إلّا و قد أخذ عليه ولاية علي طوعا أو كرها فكل دين ليس معه حبّ علي و ولايته فلا كمال له، و ما لا كمال له ناقص، و الناقص لا يقبل و لا يوزن و لا يعرض، لأن اللّه لا يقبل إلّا الطيب، و إليه الإشارة بقوله: وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ[1] و الحق هو العدل و العدل هو الولاية، لأن الحق علي فمن كملت موازينه بحب علي رجع و أفلح، و إليه الإشارة بقوله:
فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[2] و هم أهل الولاية الذين سبقت لهم من اللّه العناية، و إليه الإشارة بقوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ[3] قال: الكلم الطيب: لا إله إلّا اللّه محمد رسول اللّه، و العمل الصالح يرفعه، قال: العمل الصالح حب علي، فكل عمل ليس معه حب علي فلا يرفع، و ما لا يرفع لا يسمع، و ما لا يسمع فلا ينفع، و ما لا يرفع و لا يسمع و لا ينفع، فهو وبال و ضلال و هباء منثور.
يؤيّد هذه المقالة و يحقّق هذه الدلالة أن جبرائيل سيّد الملائكة، و الأنبياء سادة أهل الأرض، و الرسل سادة الأنبياء و كل منهم سيّد أهل زمانه، و محمد (صلّى اللّه عليه و آله) سيّد الأنبياء و المرسلين و سيّد الخلائق أجمعين لأنه الفاتح و الخاتم و الأول و الآخر، له سؤدد التقدّم و التختم، لأنه لولاه ما خلقوا و ما كانوا فلأحديته على سائر الآحاد شرف الواحد على سائر الأعداد، و جبرائيل خادمه و الأنبياء نوّابه، لأنّهم بعثوا إلى اللّه يدعون و بنبوّة محمد يخبرون و بفضله على الكل يشهدون و بولاية علي يقرّون و بحبّه يدينون و علي سلطان رسالة محمد و حسامها و تمام أحكامها و ختامها. دليله قوله: وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً[4]