responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي    الجزء : 1  صفحة : 6

ربّا نئوب إليه و قولوا فينا ما شئتم.

و قال (عليه السلام): اجعلونا مخلوقين و قولوا فينا ما شئتم فلن تبلغوا [1].

و أنّى لنا البلاغ مدية ما منحهم المولى سبحانه من فضائل و مآثر؟ و أنّى لنا الوقوف على غاية ما شرّفهم اللّه به من ملكات فاضلة، و نفسيّات نفيسة؛ و روحيّات قدسيّة، و خلائق كريمة، و مكارم و محامد؟ فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام؟ أو يمكنه اختياره؟ هيهات هيهات ضلّت العقول، و تاهت الحلوم، و حارت الألباب، و خسئت العيون، و تصاغرت العظماء، و تحيّرت الحكماء، و تقاصرت الحلماء، و حصرت الخطباء، و جهلت الألبّاء، و كلّت الشعراء، و عجزت الأدباء، و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه، و فضيلة من فضائله، و أقرّت بالعجز و التقصير؛ و كيف يوصف بكلّه؟ أو ينعت بكنهه؟ أو يفهم شي‌ء من أمره؟ أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه؟ لا. كيف؟ و أنّى؟ فهو بحيث النجم من يد المتناولين و وصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا؟ و أين العقول عن هذا؟ و أين يوجد مثل هذا؟ [2].

و لذلك تجد كثيرا من علمائنا المحقّقين في المعرفة بالأسرار يثبتون لأئمة الهدى (صلوات الله عليهم) كلّ هاتيك الشؤون و غيرها ممّا لا يتحمّله غيرهم، و كان في علماء قم من يرمي بالغلو كلّ من روى شيئا من تلكم الأسرار حتى قال قائلهم: إنّ أوّل مراتب الغلوّ نفي السهو عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله). إلى أن جاء بعدهم المحقّقون و عرفوا الحقيقة فلم يقيموا لكثير من تلكم التضعيفات وزنا، و هذه بليّة مني بها كثيرون من أهل الحقائق و العرفان و منهم المترجم، و لم تزل الفئتان على طرفي نقيض، و قد تقوم الحرب بينهما على أشدّها، و الصلح خير.

و فذلكة المقام أنّ النفوس تتفاوت حسب جبلّاتها و استعداداتها في تلقّي الحقائق الراهنة، فمنها ما تبهظه المعضلات و الأسرار، و منها ما ينبسط لها فيبسط إليها ذراعا و يمدّ لها


[1] بصائر الدرجات للصفار و سوف يأتي.

[2] من قولنا: «فمن ذا الذي يبلغ» إلى هنا مأخوذ من حديث رواه شيخنا الكليني ثقة الإسلام في أصول الكافي 1/ 99 عن الإمام الرضا (صلوات الله عليه) (هامش الغدير).

اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست