اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 343
فقلت لهم: أ ليس قد روى ابن طاوس في كتاب المقتل مثل هذا بعينه، و قال: إنّ الحسين لما سقط عن فرسه يوم الطف قالت الملائكة: ربنا يفعل هذا بالحسين و أنت بالمرصاد؟
فقال اللّه لهم: انظروا إلى يمين العرش. فنظروا فإذا القائم قائما يصلّي، فقال لهم: إنّي أنتقم لهذا بهذا من هؤلاء. فقالوا بلى. [1].
فقلت: و أين كان القائم هناك؟ و كيف كان قبل أن يكون؟ و أين يكونون أولئك عنده إذا ظهر؟ و كيف رويتم هذا الحديث بعينه فصدقتموه في المستقبل و كذبتموه في الماضي، و ما الفرق بين الحالين؟
فيا أيّها التايه في تيه حيرته و ارتيابه، و هو يزعم أنه مؤمن أمن من عذابه، كيف أنت و ما أمنت و لا أمان إلّا بالإيمان، و اللّه يقول و قوله الحقّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا[2]. فكيف يأمرهم بالإيمان و قد آمنوا؟ و معناه يا أيّها الذين آمنوا باللّه و برسوله آمنوا بسرّ آل محمد و علانيتهم، فإنّ ذلك حقيقة الإيمان و كماله، لأنّ عليا هو النور القديم المبتدع قبل الأكوان و الأزمان، المسبّح للّه و لا فم هناك و لا لسان، أ ليس كان في عالم النور قبل الأزمان و الدهور، أ ليس كان في عالم الأرواح قبل خلق الأجسام و الأشباح؟ أ ما سمعت قصة الجني، إذ كان عند النبي (صلّى اللّه عليه و آله) جالسا، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فجعل الجنّي يتصاغر لديه تعظيما له و خوفا منه، فقال: يا رسول اللّه إنّي كنت أطير مع المردة إلى السماء قبل خلق آدم بخمسمائة عام، فرأيت هذا في السماء فأخرجني و ألقاني إلى الأرض، فهويت إلى السابعة منها، فرأيته هناك كما رأيته في السماء [3].
أيها السامع لهذه الآثار، لا تبادر إلى التكذيب و الإنكار، فإن الشمس إذا أشرقت يراها أهل السماء كما يراها أهل الأرض، و ينفذ ضوؤها و نورها في سائر الأقطار، و هي في مكانها من الفلك الدوّار، و ليست الشمس أعظم ممّن خلقت من نوره سائر الأنوار، دليله قوله: أوّل