اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 320
فصل [افتراق الامم بعد الأنبياء (عليهم السلام)]
في بيان افتراق الأمم بعد الأنبياء ممّا شهدت به السّنة و الكتاب، فمن ذاك قال اللّه سبحانه مخبرا عن قوم موسى: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ[1]، و قال تعالى حكاية عن النصارى: وَ جَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً[2]، و قال حكاية عن الأميين: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ[3]، و قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «افترقت أمّة أخي موسى على سبعين فرقة كلّها في النار إلّا واحدة، و افترقت أمّة أخي عيسى على إحدى و سبعين فرقة كلّها في النار إلّا واحدة، و ستفترق هذه الأمّة على ثلاث و سبعين فرقة كلّها في النار إلّا واحدة، و هي التي تبعت ما أنا عليه و أهل بيتي»، و في رواية ما عليه و أصحابي [4].
و هذا بيان و تأكيد أنّ الناجي من تبع الآل لأن الآل هم الأصحاب، و ليس الأصحاب هم الآل، فأين كان الآل كان الأصحاب من غير عكس، و لهذا يقال أهل اللّه و لا يقال أصحاب اللّه.
فآل النبي (صلّى اللّه عليه و آله) أصحابه و ليس أصحابه آله، و في الحديث: «أهل القرآن أهل اللّه و خاصّته»، لأنّهم حملة سرّه، فأين كان الأهل كانت النجاة، لأن الأهل أولى بالشرف و الفضل، و أحق بالميراث، و أقرب إلى العلم، و منهم نبع الذكر، و عنهم سمع، فالأصحاب تبع الآل لأنّهم سكان السلطنة و الحكم، و الأصحاب سكان التبع فكيف يقتدى بالتابع و لا يقتدى بالمتبوع؟
ألا فهم الملاذ و المنجى، و نهج الهدى و جنّة المأوى و سدرة المنتهى، و الأصحاب قوم تبصروا بنور الآل فأبصروا، ثم أعماهم دخان الحسد فأنكروا، و إليه الإشارة بقوله: بينا أنا