اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 307
غير سؤال و ليس في الخلائق من له هذه المقامات إلّا هم، لكن الناس فيهم، كما قال اللّه سبحانه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ[1] أي إيمانه غير متمكن في القلب لأن الحرف هو الطرف. و ذاك بغير برهان و لا يقين، فإن أصابه خير يعني إن سمع ما يلائم عقله الضعيف اطمأن به و ركن إليه، و إن أصابته فتنة- و هو سماع ما لم يحط به خبرا- فهناك لا يوسعك عذرا بل يبيح منك محرما و يتهمك كفرا، و إليه الإشارة بقوله (عليه السلام): لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله. و قيل لكفّره [2]؛ لأن صدر أبي ذر ليس بوعاء لما في صدر سلمان من أسرار الإيمان و حقائق ولي الرحمن، و لذاك قال النبي (صلّى اللّه عليه و آله): أعرفكم باللّه سلمان.
و ذلك لأن مراتب الإيمان عشرة، فصاحب الإيمان لا يطلع على الثانية و كذا كل مقام منها لا ينال ما فوقه، و لا يزدري من تحته، لأن من فوق درجته أعلى منه، و غاية الغايات منها معرفة علي بالإجماع و إنما قال: «لقتله» لأن أبا ذر كان ناقلا للأثر الظاهر، و سلمان عارفا بالباطن، و وعاء الظاهر لا يطيق حمل الباطن، و قد علم كل أناس مشربهم.