اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 300
قد طاشت النقطة في الدائرة * * * فلم تزل في ذاتها حائرة
محجوبة الإدراك عنها بها * * * منها لها جارحة ناظرة
سمت على الأسماء حتى لقد * * * فوّضت الدنيا مع الآخرة
و هي أوّل العدد و سرّ الواحد الأحد، و ذلك لأن ذات اللّه غير معلومة للبشر فمعرفته بصفاته و النقطة الواحدة هي صفة اللّه، و الصفة تدل على الموصوف، لأن بظهورها عرف اللّه، و هي لألاء النور الذي شعشع عن جلال الأحدية في سيماء الحضرة المحمدية، و إليه الإشارة بقوله: «يعرفك بها من عرفك» [1] يعضد هذا القول أيضا قولهم: لو لانا ما عرف اللّه، و لو لا اللّه ما عرفنا [2].
فهم النور الذي أشرقت منه الأنوار، و الواحد الذي ظهرت عنه الأجساد، و السرّ الذي نشأت عنه الأسرار، و العقل الذي قامت به العقول، و النفس التي صدرت عنها النفوس، و اللوح الحاوي لأسرار الغيوب و الكرسي الذي وسع السّماوات و الأرض، و العرش العظيم المحيط بكل شيء، عظمة و علما، و العين التي ظهرت عنها كل عين، و الحقيقة التي يشهدها بالبدء كل موجود كما شهدت هي بالأحدية لواجب الوجود.
فغاية عرفان العارفين الوصول إلى محمد و علي بحقيقة معرفتهم، أو بمعرفة حقيقتهم، لكن ذلك الباب مستور بحجاب وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا[3]، و إليه الإشارة بقولهم:
«إن الذي خرج إلى الملائكة المقرّبين من معرفة آل محمد قليل من كثير»، فكيف إلى عالم البشرية، و عن هذا المقام عنوا بقولهم «أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله نبي مرسل و لا ملك مقرّب»، فمن اتصل بشعاع نورهم فقد عرف نفسه لأنه إذ قد عرف عين الوجود و حقيقة الموجود، و فردانية الرب المعبود، فمعرفة النفس هي معرفة حقيقة الوجود المقيد، و هي النقطة الواحدة التي ظاهرها و باطنها النبوة و الولاية، فمن عرف النبوة و الولاية بحقيقة معرفتها فقد عرف ربّه، فمن عرف محمدا و عليا فقد عرف ربّه، و إن كان الضمير في قوله