اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 223
و أما علمه بهم بعد الموت فدليله قوله للأصبغ بن نباتة في نجف الكوفة: «يا أصبغ إن في هذا الظهر أرواح كل مؤمن و مؤمنة، فلو كشف لك ما كشف لي لرأيتهم خلقا يتحدّثون على منابر من نور»، و ذلك حق لأن الولي إذا أحاط علما بالأحياء وجب أن يحيط علما بالأموات، و إلّا لامتنع الأوّل لامتناع الثاني، لكن الأوّل غير ممتنع فالثاني كذلك، لأن العلم الذي أيّد به و علم به للأحياء به علم الموتى، و إليه الإشارة بقوله: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ[1]، و الكتاب الحفيظ، هو الولي و علمه عنده و ذلك لأن اللوح المحفوظ فيه سطور غيب اللّه، و اللوح الحفيظ في الأرض هو المستودع لغيب اللّه و إليه الإشارة بقوله: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ* فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ[2]، و الولي حافظ للذكر و عالم بتأويله و تنزيله، فاللوح المحفوظ بالحقيقة هو الولي، فمن أنكر علم الولي بأهل ولايته
حتى صار إلى الشام فدخل منزله، و اشتد عليه مرضه و كان في مرضه يرى أشياء لا تسره، .. فكان يشرب الماء الكثير فلا يروى، و كان ربما غشي عليه اليوم و اليومين، فإذا أفاق من غشوته ينادي بأعلى صوته: «مالي و مالك يا ابن أبي طالب إن تعاقب فبذنوبي و إن تغفر فإنك غفور رحيم» (الفتوح لابن أعثم: 2/ 61 ذكر انصراف معاوية عن مكة و ما يلي به في سفره من المرض و خبر وفاته).
و عن سليم في خبر طويل فيه ندم الخليفة الأول و الثاني عند الموت جاء فيه:
فقال له عمر: يا خليفة رسول اللّه لم تدعو بالويل و الثبور.
قال أبو بكر: هذا رسول اللّه و معه علي بن أبي طالب يبشرانني بالنار و معه الصحيفة التي تعاهدا عليها في الكعبة و هو يقول (صلّى اللّه عليه و آله):
«لقد وفيت بها و ظاهرت على ولي اللّه فابشر أنت و صاحبك بالنار في أسفل السافلين» (إرشاد القلوب: 2/ 392 خبر وفاة أبي بكر و معاذ).
و عن نخلة بنت عبد اللّه قالت: رأيت بعد أن قتل زيد بن علي و صلب بثلاثة أيام فيما يرى النائم كأن نسوة من السماء نزلن عليهن ثياب حسنة حتى أحدقن بجذع زيد بن علي، ثم جعلن يندبنه و ينحن عليه كما ينوح النساء في المأتم.
قالت: و نظرت إلى امرأة قد أقبلت و عليها ثوب لها أخضر يلمع منه نور ساطع حتى وقفت قريبا من أولئك النساء، ثم رفعت رأسها و قالت: «يا زيد قتلوك يا زيد صلبوك يا زيد سلبوك يا زيد إنهم لن تنالهم شفاعة جدك (عليه الصلاة و السلام) غدا في يوم القيامة».
قالت نخلة: فقلت لإحدى النسوة تلك: من هذه المرأة الوسيمة من النساء؟
فقالوا: هذه فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) (الفتوح لابن الأعثم: 3/ 295 ذيل خبر زيد بن علي).