اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 220
وَ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً[1]، قال: علم ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة، حتى معرفة كل إنسان باسمه و نسبه، و من يموت موتا و من يقتل قتلا، و من هو من أهل الجنة، و من هو من أهل النار [2].
و إليه الإشارة بقوله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ[3]، و إنما رآه بمرآة إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً[4] فرآه بعين الولاية، لأن النبي قد يحجب عن الملكوت لأن الوحي منه يأتيه، و الولي لا يحجب عن الملكوت، فالنبي ينتظر الغيب و الولي ينظر في الغيب، و ليس الولي بهذا المقام أعلى من النبي بل هو في سائر المقام تلميذه، و تحت مرتبته، و فيضه عنه، و علمه عنه، و قد يكون للولي ما ليس للنبي و إن كان من اتباعه، كقصة الخضر و موسى، و هذا إشارة إلى الإلهام، و إليه الإشارة بقوله: و لقد نظرت في ملكوت السّماوات و الأرض فما غاب عنّي شيء ممّا كان قبلي، و لا شيء ممّا هو كائن بعدي [5].
فذلك حق لأن الولي المطلق لو جهل شيئا لجهل من ولاه، و لو علم شيئا دون شيء لا تصف بالعلم تارة و بالجهل أخرى، فكان جاهلا و هو عالم، هذا خلف؛ و لو جهل لارتفعت الولاية و العصمة، ما اتخذ اللّه وليا جاهلا قط، فيلزم لو جهل عدم الولي أو كونه جاهلا و هو محال، فيكون عالما بالكل و هو المطلوب، و إليه الإشارة بقول ابن أبي الحديد في مدحه له (عليه السلام):
و ذو المعجزات الباهرات أقلها * * * الظهور على مستودعات السرائر
دليله قوله الحق: «أنا الهادي بالولاية» [6] فهو (عليه السلام) غيب اللّه المكتوب، و علمه المنصوب، و خزانة غيبه في سماواته و أرضه، و وارث أسرار نبيّه، فهو الإمام المبين الذي كلّفه اللّه هداية الخلق، و قضى فيه كل شيء فكل علم نزل إلى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فهو عنده و منه