اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 218
حجاب اللّه في عالم الصور، و إليه الإشارة، يقول الرسول (صلّى اللّه عليه و آله): «علي لا يحجبه عن اللّه حجاب» [1]، و هو السرّ و الحجاب، فالإمام نور إلهي و سرّ ربّاني، و تعلّقه بهذا الجسد عارضي، دليله قوله سبحانه: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها[2]، و نور الرب هو الإمام الذي بنوره تشرق الظلم، و يستضيء سائر العالم.
يعضد هذا التفسير ما ورد عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) أنه قال: «إنّ للشمس وجهين، وجه يلي أهل السماء، و وجه يلي أهل الأرض» [3]، فالإمام مع الخلق كلّهم لا يغيب عنهم، و لا يحجبون عنه، بل هم محجوبون عنه، و ليس هو بمحجوب، لأن الدنيا عند الإمام كالدرهم في يد الإنسان يقلّبه كيف شاء.
و عنهم (عليهم السلام): إن اللّه يعطي وليّه عمودا من نور بينه و بينه يرى فيه سائر أعمال العباد [4] كما يرى الإنسان شخصه في المرآة من غير شك، كما رواه إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) أنه قال: دخل عليه رجل من خراسان فكلّمه بكلام الطير فأجابه موسى بمثل كلامه، فلما خرج الرجل قلت: يا سيدي ما سمعت مثل هذا الكلام، فقال (عليه السلام): هذا كلام قوم من أهل الصين و ليس كلام أهل الصين كلّه هكذا، ثم قال: أتعجب من هذا؟ قلت: نعم، قال:
سأريك ما هو أعجب، إن الإمام يعلم منطق الطير و منطق كل ذي روح، لا يخفى على الإمام شيء [5].
فهم (صلوات الله عليهم) يشهدون الخلق عند الحياة و عند الممات، لأنّهم العالمون عن اللّه بكل موجود و مفقود، كما ورد عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) أنه مرّ على قبر فقال: أف، أف؛ فقيل: يا رسول اللّه ما ذا؟ فقال: إنّ صاحب هذا القبر سئل عني فأمسك، فأففت عليه.
و من ذلك ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لكميل بن زياد و قد مرّ معه في جبانة فأسرع السير فقال له: «خفّف الوطء يا كميل فإنّهم يسمعون صرير نعالك».