اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 101
الجنة من أطاع عليا و إن عصاني، و لأدخلن النار من عصاه و إن أطاعني [1]، و هذا رمز حسن و ذلك لأن حب علي هو الإيمان الكامل، و الإيمان الكامل لا تضر معه السيئات، فقوله: و إن عصاني فإنّي أغفر له إكراما له و أدخله الجنة بإيمانه فله الجنة بالإيمان، و بحب علي العفو و الغفران، و قوله: و لأدخلن النار من عصاه و إن أطاعني، و ذلك لأنه إذا لم يوال عليا فلا إيمان له، فطاعته هناك مجاز لا حقيقة لأن الطاعة بالحقيقة حبّ علي المضاف إليها سائر الأعمال، فمن أحب عليا فقد أطاع اللّه، و من أطاع اللّه نجا، فمن أحب عليا فقد نجا؛ فاعلم: أن حبّ علي الإيمان، و بغضه الكفر [2]، و ليس هناك إلّا محب و مبغض، فمحبّه لا سيئة له فلا حساب عليه و من لا حساب عليه فالجنة داره، و مبغضه لا إيمان له، و من لا إيمان له لا ينظر اللّه إليه فطاعته عين المعصية فعدوّه هالك، و إن جاء بحسنات العباد بين يديه، و وليّه ناج و لو كان في الذنوب إلى شحمتي أذنيه، و أين الذنوب مع الإيمان المنير؟ أم أين من السيئات مع وجود الإكسير؟ فمبغضه من العذاب لا يقال، و محبّه لا يوقف و لا يقال، فطوبى لأوليائه و سحقا لأعدائه.
يؤيّد هذا ما رواه ابن عباس، قال: جاء رجل إلى رسول اللّه فقال: يا رسول اللّه أ ينفعني حبّ علي في معادي؟ فقال له النبي (صلّى اللّه عليه و آله): لا أعلم حتى أسأل جبرائيل، فنزل جبرائيل مسرعا فقال له النبي (صلّى اللّه عليه و آله): أ ينفع هذا حبّ علي؟ فقال: لا أعلم حتى أسأل إسرافيل، ثم ارتفع فسأل إسرافيل، فقال: لا أعلم حتى أناجي ربّ العزّة، فأوحى اللّه إلى إسرافيل قل لجبرائيل يقل لمحمد: أنت منّي حيث شئت، و أنا و علي منك حيث أنت منّي، و محب علي منّي حيث علي منك [3].
يؤيّد هذا ما رواه الرازي في كتابه مرفوعا إلى ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة أمر اللّه مالكا أن يسعر النار، و أمر رضوان أن يزخرف الجنة ثم يمد الصراط، و ينصب ميزان العدل تحت العرش، و ينادي مناد: يا محمد قرّب أمتك إلى الحساب، ثم يمدّ على الصراط سبع
[1] في الحديث: من أطاعه فقد أطاع اللّه و من عصاه فقد عصى اللّه. البحار: 52/ 350 ح 103.