اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 8 صفحة : 769
(1) - من الطاغوت و التقدير و الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت و خبر «اَلَّذِينَ اِجْتَنَبُوا» قوله «لَهُمُ اَلْبُشْرىََ» و البشرى ترتفع بالظرف لجريه خبرا على المبتدأ قال الزجاج «أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ اَلْعَذََابِ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي اَلنََّارِ» معناه الشرط و الجزاء و ألف الاستفهام هنا معناها معنى التوقيف و الألف الثانية جاءت مؤكدة معادة لما طال الكلام و المعنى أ فمن حق عليه كلمة العذاب أ فأنت تنقذه و مثله أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذََا مِتُّمْ وَ كُنْتُمْ تُرََاباً وَ عِظََاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ أعاد أن الثانية و المعنى إنكم إذا متم و كنتم ترابا و عظاما تخرجون و يكون على وجه آخر على أنه حذف الخبر و في الكلام دليل على المحذوف على معنى أ فمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص منه أو ينجو منه أ فأنت تنقذ أي لا يقدر أحد أن ينقذه.
المعنى
ثم خاطب سبحانه نبيه ص فقال «قُلْ» يا محمد لهؤلاء الكفار الذين تقدم ذكرهم «إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اَللََّهَ مُخْلِصاً لَهُ اَلدِّينَ» أي موحدا له لا أعبد معه سواه و العبادة الخالصة هي التي لا يشوبها شيء من المعاصي} «وَ أُمِرْتُ» أيضا «لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ اَلْمُسْلِمِينَ» فيكون لي فضل السبق و ثوابه} «قُلْ إِنِّي أَخََافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذََابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» أي عذاب يوم القيامة} «قُلِ» لهم «اَللََّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي» و طاعتي} «فَاعْبُدُوا» أنتم معاشر الكفار «مََا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ» من الأصنام و هذا على وجه التهديد لهم بذلك «قُلْ» لهم «إِنَّ اَلْخََاسِرِينَ» في الحقيقة هم «اَلَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ اَلْقِيََامَةِ» فلا ينتفعون بأنفسهم و لا يجدون في النار أهلا كما كان لهم في الدنيا أهل فقد فاتتهم المنفعة بأنفسهم و أهليهم عن مجاهد و ابن زيد و قيل خسروا أنفسهم بأن قذفوها بين أطباق الجحيم و خسروا أهليهم الذين أعدوا لهم في جنة النعيم عن الحسن قال ابن عباس إن الله تعالى جعل لكل إنسان في الجنة منزلا و أهلا فمن عمل بطاعته كان له ذلك و من عصاه صار إلى النار و دفع منزله و أهله إلى من أطاع فذلك قوله أُولََئِكَ هُمُ اَلْوََارِثُونَ«أَلاََ ذََلِكَ هُوَ اَلْخُسْرََانُ اَلْمُبِينُ» أي البين الظاهر الذي لا يخفى} «لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ اَلنََّارِ» أي سرادقات و أطباق من النار و دخانها نعوذ بالله منها «وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ» أي فرش و مهدو قيل إنما سمي ما تحتهم من النار ظللا لأنها ظلل لمن تحتهم إذ النار أدراك و هم بين أطباقها و قيل إنما أجري اسم الظلل على قطع النار على سبيل التوسع و المجاز لأنها في مقابلة ما لأهل الجنة من الظلل و المراد أن النار تحيط بجوانبهم «ذََلِكَ يُخَوِّفُ اَللََّهُ بِهِ عِبََادَهُ» أي ذلك الذي وصف من العذاب يخوف الله به عباده و رحمة لهم ليتقوا عذابه بامتثال أوامره ثم أمرهم بالاتقاء فقال «يََا عِبََادِ فَاتَّقُونِ» فقد أنذرتكم و ألزمتكم الحجة و إنما حذف الياء في الموضعين لأن الكسرة تدل عليها} «وَ اَلَّذِينَ اِجْتَنَبُوا اَلطََّاغُوتَ» أي الأوثان و الشيطان و قيل كل من دعا إلى عبادة غير الله
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 8 صفحة : 769