اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 8 صفحة : 699
(1) - دلالة على أن أهل الحق في كل زمان كانوا أقل من أهل الباطل} «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنََا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ» من الأنبياء و المرسلين يخوفونهم من عذاب الله تعالى و يحذرونهم معاصيه} «فَانْظُرْ كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ اَلْمُنْذَرِينَ» أي من المكذبين المعاندين للحق و المعنى فانظر يا محمد كيف أهلكتهم و ما ذا حل بهم من العذاب و كذلك يكون عاقبة المكذبين ثم استثنى من المنذرين فقال} «إِلاََّ عِبََادَ اَللََّهِ اَلْمُخْلَصِينَ» الذين قبلوا من الأنبياء و أخلصوا عبادتهم لله تعالى فإن الله خلصهم من ذلك العذاب و وعدهم بجزيل الثواب} «وَ لَقَدْ نََادََانََا نُوحٌ » أي دعانا نوح بعد ما يئس من إيمان قومه لننصره عليهم و ذلك قوله أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ«فَلَنِعْمَ اَلْمُجِيبُونَ» نحن لنوح في دعائه أجبناه إلى ما سأل و خلصناه من أذى قومه بإهلاكهم و قيل هو على العموم أي فلنعم المجيبون نحن لمن دعانا} «وَ نَجَّيْنََاهُ وَ أَهْلَهُ مِنَ اَلْكَرْبِ اَلْعَظِيمِ» أي من المكروه الذي كان ينزل به من قومه و الكرب كل غم يصل حره إلى الصدر و أصل النجاة من النجوة للمكان المرتفع فهي الرفع من الهلاك و أهله هم الذين نجوا معه في السفينة} «وَ جَعَلْنََا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ اَلْبََاقِينَ» بعد الغرق فالناس كلهم بعد نوح من ولد نوح عن ابن عباس و قتادة فالعرب و العجم من أولاد سام بن نوح و الترك و الصقالبة و الخزر و يأجوج و مأجوج من أولاد يافث بن نوح و السودان من أولاد حام بن نوح قال الكلبي لما خرج نوح من السفينة مات من كان معه من الرجال و النساء إلا ولده و نساؤهم} «وَ تَرَكْنََا عَلَيْهِ فِي اَلْآخِرِينَ» أي تركنا عليه ذكرا جميلا و أثنينا عليه في أمة محمد ص فحذف عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و معنى تركنا أبقينا قال الزجاج معناه تركنا على الذكر الجميل إلى يوم القيامة و ذلك الذكر قوله} «سَلاََمٌ عَلىََ نُوحٍ فِي اَلْعََالَمِينَ» أي تركنا عليه أن يصلي عليه إلى يوم القيامة فكأنه قال و تركنا عليه التسليم في الآخرين ثم فسر التسليم بقوله «سَلاََمٌ عَلىََ نُوحٍ فِي اَلْعََالَمِينَ» و قال الفراء تركنا عليه قولا و هو أن يقال في آخر الأمم سلام على نوح في العالمين قال الكلبي معناه سلامة منا على نوح و هذا هو السلام و المراد بقوله اِهْبِطْ بِسَلاََمٍ مِنََّا وَ بَرَكََاتٍ عَلَيْكَ«إِنََّا كَذََلِكَ نَجْزِي اَلْمُحْسِنِينَ» أي جزيناه ذلك الثناء الحسن في العالمين بإحسانه عن مقاتل و قيل إن معناه مثل ما فعلنا بنوح نجزي كل من أحسن بأفعال الطاعات و تجنب المعاصي و نكافيهم بإحسانهم} «إِنَّهُ مِنْ عِبََادِنَا اَلْمُؤْمِنِينَ» يعني نوحا و هذه الآية تتضمن مدح المؤمنين حيث خرج من بينهم مثل نوح } «ثُمَّ أَغْرَقْنَا اَلْآخَرِينَ» أي من لم يؤمن به و المعنى ثم أخبركم إني أغرقت الآخرين.
النظم
الوجه في اتصال قصة نوح و الأنبياء بما قبلها تسلية النبي ص في كفر قومه بأن حالهم معه شبيهة بحال من تقدم من الأمم مع أنبيائهم و تحذير القوم عن سلوك مثل طريقتهم لئلا يعاقبوا بمثل عقوبتهم.
ـ
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 8 صفحة : 699