اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 3 صفحة : 133
133
(1) - المروي عن أبي جعفر (ع) و قيل نزلت في الذين تخلفوا عن أحد و قالوا لَوْ نَعْلَمُ قِتََالاً لاَتَّبَعْنََاكُمْ الآية فاختلف أصحاب رسول الله فقال فريق منهم نقتلهم و قال آخرون لا نقتلهم فنزلت الآية عن زيد بن ثابت .
المعنى
ثم عاد الكلام إلى ذكر المنافقين فقال تعالى «فَمََا لَكُمْ» أيها المؤمنين صرتم «فِي» أمر هؤلاء «اَلْمُنََافِقِينَ فِئَتَيْنِ» أي فرقتين مختلفتين فمنكم من يكفرهم و منكم من لا يكفرهم «وَ اَللََّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمََا كَسَبُوا» أي ردهم إلى حكم الكفار بما أظهروا من الكفر عن ابن عباس و قيل معناه أهلكهم بكفرهم عن قتادة و قيل خذلهم فأقاموا على كفرهم و ترددوا فيه فأخبر عن خذلانه إياهم بأنه أركسهم عن أبي مسلم «أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا» أي تحكموا بهداية «مَنْ أَضَلَّ اَللََّهُ» أي حكم الله بضلاله و سماه ضالا و قيل معنى أضله الله خذله و لم يوفقه كما وفق المؤمنين لأنهم لما عصوا و خالفوا استحقوا هذا الخذلان عقوبة لهم على معصيتهم أي أ تريدون الدفاع عن قتالهم مع أن الله حكم بضلالهم و خذلهم و وكلهم إلى أنفسهم و قال أبو علي الجبائي معناه أ تريدون أن تهدوا إلي طريق الجنة من أضله تعالى عن طريق الجنة و الثواب و طعن على القول الأول بأنه لو أراد التسمية و الحكم لقال من ضلل الله و هذا لا يصح لأن العرب تقول أكفرته و كفرته قال الكميت :
و طائفة قد أكفروني بحبكم # و طائفة قالوا مسيء و مذنب
و أيضا فإنه تعالى إنما وصف المؤمنين بهدايتهم بأن سماهم مهتدين لأنهم كانوا يقولون أنهم مؤمنون فقال تعالى (لا تختلفوا فيهم و قولوا بأجمعكم أنهم منافقون) «وَ مَنْ يُضْلِلِ اَللََّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً» معناه و من نسبه الله إلى الضلالة فلن ينفعه أن يحكم غيره بهدايته كما يقال من جرحه الحاكم فلا ينفعه تعديل غيره و قيل معناه من يجعله الله في حكمه ضالا فلن تجد له في ضلالته حجة عن جعفر بن حرث قال و يدل على أنهم هم الذين اكتسبوا ما صاروا إليه من الكفر دون أن يكون الله تعالى اضطرهم إليه قوله على أثر ذلك} «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمََا كَفَرُوا» فأضاف الكفر إليهم.
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 3 صفحة : 133