responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 451

(1) - الأجسام و الأعراض محدث و لا بد له من محدث ليس بمحدث لاستحالة التسلسل و يدل كونهما على وجه الإتقان و الإحكام و الاتساق و الانتظام على كون فاعلهما عالما حكيما و أما اختلاف الليل و النهار و جريهما على وتيرة واحدة و أخذ أحدهما من صاحبه الزيادة و النقصان و تعلق ذلك بمجاري الشمس و القمر فيدل على عالم مدبر يدبرهما على هذا الحد لا يسهو و لا يذهل من جهة أنها أفعال محكمة واقعة على نظام و ترتيب لا يدخلها تفاوت و لا اختلال و أما الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس فيدل حصول الماء على ما تراه من الرقة و اللطافة التي لولاها لما أمكن جري السفن عليه و تسخير الرياح لإجرائها في خلاف الوجه الذي يجري الماء إليه على منعم منهم دبر ذلك لمنافع خلقه ليس من جنس البشر و لا من قبيل الأجسام لأن الأجسام يتعذر عليها فعل ذلك و أما الماء الذي ينزل من السماءفيدل إنشاؤه و إنزاله قطرة قطرة لا تلتقي أجزاؤه و لا تتألف في الجو فينزل مثل السيل فيخرب البلاد و الديار ثم إمساكه في الهواء مع أن من طبع الماء الانحدار إلى وقت نزوله بقدر الحاجة و في أوقاتها على أن مدبره قادر على ما يشاء من الأمور عالم حكيم خبير و أما إحياء الأرض بعد موتها فيدل بظهور الثمار و أنواع النبات و ما يحصل به من أقوات الخلق و أرزاق الحيوانات و اختلاف طعومها و ألوانها و روائحها و اختلاف مضارها و منافعها في الأغذية و الأدوية على كمال قدرته و بدائع حكمته سبحانه من عليم حكيم ما أعظم شأنه و أما بث كل دابة فيها فيدل على أن لها صانعا مخالفا لها منعما بأنواع النعم خالقا للذوات المختلفة بالهيئات المختلفة في التراكيب المتنوعة من اللحم و العظم و الأعصاب و العروق و غير ذلك من الأعضاء و الأجزاء المتضمنة لبدائع الفطرة و غرائب الحكمة الدالة على عظيم قدرته و جسيم نعمته و أما الرياح فيدل تصريفها بتحريكها و تفريقها في الجهات مرة حارة و مرة باردة و تارة لينة و أخرى عاصفة و طورا عقيما و طورا لاقحة على أن مصرفها قادر على ما لا يقدر عليه سواه إذ لو أجمع الخلق كلهم على أن يجعلوا الصبا دبورا أو الشمال جنوبا لما أمكنهم ذلك و أما السحاب المسخر فيدل على أن ممسكه هو القدير الذي لا شبيه له و لا نظير لأنه لا يقدر على تسكين الأجسام بغير علاقة و لا دعامة إلا الله سبحانه و تعالى القادر لذاته الذي لا نهاية لمقدوراته‌فهذه هي الآيات الدالة على أن الله سبحانه صانع غير مصنوع قادر لا يعجزه شي‌ء عالم لا يخفى عليه شي‌ء حي لا تلحقه الآفات و لا تغيره الحادثات و لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض و لا في السماء و هو السميع البصير استشهد بحدوث هذه الأشياء على قدمه و أزليته و بما وسمها به من العجز و التسخير على كمال قدرته و بما ضمنها من البدائع على عجائب خلقته و فيها أيضا أوضح‌

اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 451
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست