responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 341

(1) - في الآخرة و لا ينفعهم و إن كان ينفعهم في الدنيا لأنهم لما قصدوا بتعلمه أن يفعلوه و يرتكبوه لا أن يجتنبوه صار ذلك بسوء اختيارهم ضررا عليهم و قوله «وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرََاهُ مََا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاََقٍ» يعني اليهود الذين نبذوا كتاب وراء ظهورهم علموا لمن استبدل السحر بدين الله فالهاء في اشتراه كناية عن السحر عن قتادة و جماعة من المفسرين فما له في الآخرة من نصيب و قوله «وَ لَبِئْسَ مََا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ» يعني بئس ما باعوا به حظ أنفسهم حيث اختاروا التكسب بالسحر و قوله «لَوْ كََانُوا يَعْلَمُونَ» بعد قوله «وَ لَقَدْ عَلِمُوا» ذكر فيه وجوه (أحدها) أن يكون الذين علموا غير الذين لم يعلموا أو يكون الذين علموا الشياطين أو الذين خبر تعالى عنهم بأنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم و الذين لم يعلموا هم الذين تعلموا السحر (و ثانيها) أن يكون الذين علموا هم الذين لم يعلموا إلا أنهم علموا شيئا و لم يعلموا غيره فكأنه تعالى وصفهم بأنهم عالمون بأنه لا نصيب لمن اشترى ذلك و رضيه لنفسه على الجملة و لم يعلموا كنه ما يصيرون إليه من العقاب الدائم (و ثالثها) أن تكون الفائدة في نفي العلم بعد إثباته أنهم لم يعملوا بما علموا فكأنهم لم يعلموا كما قال كعب بن زهير يصف ذئبا و غرابا تبعاه ليصيبا من زاده:

إذا حضراني قلت لو تعلمانه # أ لم تعلما أني من الزاد مرمل‌

فنفى عنهما العلم ثم أثبته و المعنى في نفيه العلم عنهما أنها لم يعملا بما علماه فكأنهما لم يعلماه و في هذه الآية دلالة على أن الأفعال تختلف باختلاف المقاصد و لذلك كان تعلم السحر لإزالة الشبهة و التحرز منه و اجتنابه إيمانا و لتصديقه و استعماله كفرا و اختلف في ماهية السحر على أقوال فقيل أنه ضرب من التخييل و صنعة من لطيف الصنائع و قد أمر الله تعالى بالتعوذ منه و جعل التحرز بكتابه وقاية منه و أنزل فيه سورة الفلق و هو قول الشيخ المفيد أبي عبد الله من أصحابنا و قيل أنه خدع و مخاريق و تمويهات لا حقيقة لها يخيل إلى المسحور أن لها حقيقة و قيل أنه يمكن الساحر أن يقلب الإنسان حمارا و يقلبه من صورة إلى صورة و ينشئ الحيوان على وجه الاختراع و هذا لا يجوز و من صدق به فهو لا يعرف النبوة و لا يأمن أن تكون معجزات الأنبياء من هذا النوع و لو أن الساحر و المعزم قدرا على نفع أو ضر و علما الغيب لقدراعلى إزالة الممالك و استخراج الكنوز من معادنها و الغلبة على البلدان بقتل الملوك من غير أن ينالهم مكروه و ضرر فلما رأيناهم أسوء الناس حالا و أكثرهم مكيدة و احتيالا علمنا أنهم لا يقدرون على شي‌ء من‌

اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 341
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست