responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 239

(1) - نقتل أو نقتل و مدحنا على ذلك و كذلك روى أهل السير أن الذين عبدوا العجل تعبدوا بأن يصبروا على القتل حتى يقتل بعضهم بعضا فكان القتل شهادة لمن قتل و توبة لمن بقي و إنما تكون شبهة لو أمروا بأن يقتلوا نفوسهم بأيديهم و لو صح ذلك لم يمتنع أن يكونوا أمروا بأن يفعلوا بنفوسهم الجراح التي تفضي إلى الموت و إن لم يزل معها العقل فينا في التكليف‌و أما على القول الآخر أنهم أمروا بالاستسلام للقتل و الصبر عليه فلا مسألة لأنهم ما أمروا بقتل نفوسهم فعلى هذا يكون قتلهم حسنا لأنه لو كان قبيحا لما أمروا بالاستسلام له و لذلك نقول لا يجوز أن يتعبد نبي و لا إمام بأن يستسلم للقتل مع قدرته على الدفع عن نفسه فلا يدفعه لأن في ذلك استسلاما للقبيح مع القدرة على دفعه و ذلك لا يجوز و إنما كان يقع قتل الأنبياء و الأئمة ع على وجه الظلم و ارتفاع التمكن من المنع غير أنه لا يمتنع من أن يتعبد بالصبر على الدفاع و تحمل المشقة في ذلك و إن قتله غيره ظلما و القتل و إن كان قبيحا بحكم العقل فهو مما يجوز تغيره بأن يصير حسنا لأنه جار مجرى سائر الآلام و ليس يجري ذلك مجرى الجهل و الكذب في أنه لا يصير حسنا قط و وجه الحسن في القتل أنه لطف على ما قلناه و أيضا فكما يجوز من الله تعالى أن يميت الحي فكذلك يجوز أن يأمرنا بإماتته و يعوضه على الآلام التي تدخل عليه و يكون فيه لطف على ما ذكرناه و قوله «ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بََارِئِكُمْ» إشارة إلى التوبة مع القتل لأنفسهم على ما أمرهم الله به بدلالة قوله «فَتُوبُوا إِلى‌ََ بََارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» فقوله «فَتُوبُوا» دال على التوبة فكأنها مذكورة و قوله «فَاقْتُلُوا» دال على القتل فكأنه قال أن التوبة و قتل النفس في مرضاة الله كما أمركم به و إن كان فيه مشقة عظيمة خير لكم عند خالقكم من إيثار الحياة الدنيا لأن الحياة الدنيا لا تبقى بل تفنى و تحصلون بعد الحياة على عذاب شديد و إذا قتلتم أنفسكم كما أمركم الله به زالت مشقة القتل عن قريب و بقيتم في نعيم دائم لا يزول و لا يبيد و كرر ذكر بارئكم تعظيما لما أتوا به مع كونه خالقا لهم و قوله «فَتََابَ عَلَيْكُمْ» هاهنا إضمار تقديره ففعلتم ما أمرتم به فتاب عليكم أو فقتلتم أنفسكم فتاب عليكم أي قبل توبتكم «إِنَّهُ هُوَ اَلتَّوََّابُ» أي قابل التوبة عن عباده مرة بعد مرة و قيل معناه قابل التوبة عن الذنوب العظام «اَلرَّحِيمُ» يرحمكم إذا تبتم و يدخلكم الجنة و في هذه الآية دلالة على أنه يجوز أن يشترط في التوبة سوى الندم ما لا يصح التوبة إلا به كما أمروا بالقتل.

اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست