اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 93
أُختِهما أُمّ كُلثوم فلم أرَهما ، فجِئتُ فَخبَّرتُ النبيَّ (صلى الله عليه وآله) بذلك ، فاضْطَربَ وَوَثَبَ قائِماً وَهوَ يقول : وا وَلَداه ، وا قُرَّة عَيناه ، مَن يُرشِدُني عليهما فلَه على اللهِ الجَنّة .
فنَزَلَ جبرئيل من السماءِ ، وقال : يا مُحمّد ، علامَ هذا الانزِعاج ؟ فقال : على وَلَدَيَّ الحسنِ والحُسينِ ، فإنّي خائِفٌ عليهما من كَيدِ اليَهود ، فقال جبرئيل : يا مُحمّد ، بل خَفْ عليهما من كَيدِ المُنافقين ، فإنَّ كَيدَهم أشَدُّ من كَيدِ اليَهودِ ، واعلم يا محمّد إنّ ابنَيكَ الحسن والحُسين نائِمان في حَديقةِ أبي الدحداح .
فصَارَ النَبيّ (صلى الله عليه وآله) من وقْتِه وسَاعَتِه إلى الحديقة وأنا مَعه ، حتّى دَخلنا الحديقة ، وإذا هُما نائِمان وقد اعتَنَقَ أحدهما الآخر ، وثُعبان في فيهِ طَاقَة رَيحان ، يُرَوِّح بها وَجهَيهِما ، فلمّا رأى الثعبانُ النبيَّ (صلى الله عليه وآله) ألقَى ما كان في فيهِ ، فقال :
السلامُ عليك يا رسولَ الله ، لست أنا ثُعباناً ، ولكنِّي مَلك من مَلائِكة [ الله ] الكروبيّين ، غَفلتُ عن ذِكْرِ ربِّي طرفة عَين فغَضَبَ عليَّ ربِّي ومَسَخَنِي ثُعباناً كما تَرى ، وطَرَدَني من السَماءِ إلى الأرضِ . . . ) [263] .
وكذلك الروايات الّتي نَقَلَها بعض المُفسّرين في شأن هاروت وماروت ، وهي من الروايات الإسرائيليّة الّتي لا يَقبلها عَقلٌ ولا وجدان ، فقد نقلَ ابن جُرير والسيوطي ، في تفسيرهما كيفيّة نزول المَلَكين هاروت وماروت إلى الأرض ، واقترافهما للذنوب ، كشرب الخمر والقتل والزنا والشرك [264] ـ ومِثل هذه الروايات الّتي تَنسب المَعصية إلى الملائِكة تُخالِف صريح القرآن ، الّذي أشارَ إلى عِصمَتِهم وعدم غَفلَتِهم ـ .
فالرواية الأُولى تُصَرِّح بأنّ الملائِكة يُمكن أن تَغْفَلَ عن العبادةِ وذكرِ الله ، والقرآن ينفي ذلك : ( وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ )[265] .
والرواية الثانية تَنسب المَعاصي إلى المَلائِكة والقرآن يَنْفِي ذلك ( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ )[266] . وقد عُرِضَ
اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 93