اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 170
ورَغبَ عن الهَجين السُوقِي ، فلم ينطق إلاّ عن ميراث الحكمة ، ولم يتكلّم بكلامٍ إلاّ وقد حُفَّ بالعِصمة . . . لم تسقط له كلمة ، ولا زلَّت به قَدم ، ولا بارَتْ له حُجّة ، ولا أفحمه خَطيب ) (540) .
وهذا الكلام يجري في حقِّ الأئمّة (عليهم السلام) أيضاً ، ويكفي أن أنقل شهادَتين من كِبار العُلماء والأُدباء على فصاحة وبلاغة أمير المؤمنين (عليه السلام) :
قال ابن أبي الحديد في وَصفِ كلام الإمام علي (عليه السلام) : ( كان أمير المؤمنين مَشرَع الفصاحة ومَورِدها ، ومَنشأ البلاغة ومَولدها ، ومنه (عليه السلام) ظهر مَكنونها ، وعنه أُخذتْ قوانينها ، وعلى أمثلته حذا كلّ قائِل خطيب ، وبكلامه استعان كلّ واعِظ بليغ ، ومع ذلك فقد سَبَقَ وقصَّروا ، وتقدَّم وتأخّروا . . . ) (541) .
وقال آخر في وصفِ نهج البلاغة : ( تَصَفّحتُ بعض صفحاته في مواضع مُختلفات ، فكان يُخيَّل لي في مَقام أنّ حروباً شبَّتْ وغارات شُنَّتْ ، أو أنّ للبلاغة دَولة ، وللفصاحة صَولَة ، وأنّ جَحافِل الخطابة ، وكتائِب الذواقة في عقود النظام وصنوف الانتظام . . . وليس في أهل هذه اللُغة إلاّ قائِل بأنّ كلام الإمام علي هو أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيّه ، وأغزَره مادّة وأرفعه أسلوباً ) (542) .
وليس بعد هاتَين الشهادتَين شهادة ، ولا دليل أوضح من هذه الأدلّة .
المَبحث الثاني : المعصوم في خُلُقِه وسِيرَتِه
لا يستطيع الإنسان مهما بلغَ من القوّة في البيان ، أن يصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خُلُقه وسِيرته إلاّ بالاعتراف بالعَجزِ عن ذلك ، وقد وصفه الله ( سُبحانه وتعالى ) فقال : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (543) ، وعندما سُئلت إحدى زوجاته عن خُلُقه (صلى الله عليه وآله) ، قالت : كان خُلُقه
اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 170