و الحق هو الجمع بين الوحدة و الكثرة، ورد الكثرة الى الوحدة و لا ريب ان الكثير اصله الواحد عزَّ شأنه وسع برهانه [1].
(درس 6): العدل الاعتقادي
[2] فنقول: و من اللّه المعونة انه قد اتفقت قاطبة المسلمين على اختلاف مذاهبها و اذواقها و مشاربها على اتصاف ذاته تعالى بالعدل في الجملة بل ظني ان ذلك مذهب كل من يقول بثبوت الفاعل المختار في المبدأ حتى الأشاعرة و جعلهم في مقابلة العدلية انما هو باعتبار لازم قولهم و مذهبهم في مسألة اخرى كما سيتضح لك ذلك ان شاء اللّه و الا فهم قائلون بأنه جلَّ شأنه متصف بالعدل منزه عن الظلم كيف و الكتاب العزيز طافح بذلك على وجه الصراحة و النصوصية بحيث لا يصح من مسلم انكاره. نعم لهم مذهب يستلزم ذلك لزوماً بتّيّاً، و يؤدي اليه اداءً بديهياً، و ذلك انهم انكروا الحسن و القبح العقليين بمعنى ان يكون للعقل حكم بأحد الأمرين على الأفعال بذواتها و انفسها مع قطع النظر عن كونها ملائمة للطبع او منافرة له بتحصيل غرض او مصلحة او دفع مضرة و مفسدة او اعتياد عرفي او انقياد ديني يوجبان الالفة او النفرة فالأفعال عندهم بالذات، و مع قطع النظر عن تلك الجهات شرع سواء لا تفاوت فيها حسناً و قبحاً، و فاعلوها لا يختلفون في الاستحقاق مدحاً و لا قدحاً فلو ان رجلًا اسدى عظيم الاحسان الى الانسان ثمّ احتاج اليه بأهون شيء فقابله بالرد و الهوان، او القتل و الحرمان و لم يكن ذلك الفعل مما يعود الينا ابداً بمنفعة او مضرة، و قطعنا النظر عن حكم الديانة بتقبيحه و تحريمه لم نجد فيه عندهم شناعة، و لا استغراباً و بشاعة، و هذا
[1] ان النبذة الأخيرة بقلم الفقيد المؤلف احسن خلاصة و توضيح لنظرية وحدة الوجود.