responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مبادئ الإيمان المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 20

يسيطر على الطبيعة سيطرة واسعة يتحرر من القيود الاجتماعية و ينصرف الى تهذيب عقله و روحه و اخلاقه فتصفو نفسه و تنطلق مواهبه الفطرية و خوارق عقله و يقترب من خالقه الذي يكمن في داخله.

و يشرح كتاب (غيتا) للسيد كرشنا اخلاق المتصوف فيقول:

ان نشاط العالم يجب ان يستمر في طريقه و ان علينا ان نتخلّق بالسيرة التي من شأنها ان تساهم في تحسين العالم فنتركه خيراً لأبنائنا مما ورثناه عن آبائنا. لنكن مثل اولئك الطيبين الذين يغرسون الاشجار ليأكل ثمارها ابناؤهم و احفادهم. علينا بالسعي لإصلاح الانسانية باصلاح انفسنا لنكون احسن في المواليد القادمة مما كنا في الحياة السالفة، على رغم اننا ننسى حياتنا الماضية و لا نعرف شخصياتنا الفائتة. و على كل انسان ان يقوم بواجبه الذي يفرضه عليه مقامه في الهيئة الاجتماعية. فليفعل في ظاهره ما يفعله سائر الناس من امور الدنيا. و لكنه يبقى في داخله غير متشبث بها، ليعمل ما يعمل من دون الاثرة و حب الذات. و ليحافظ على توازنه العقلي في النجاح و الخيبة في المنشط و المكره في السراء و الضراء. فالذي تطهر نفسه بهذه الطريقة يسهل عليه التقدم في السيرة الحسنة بالمراقبة و العبادة يجب القيام بالواجبات من دون ان يسمح لعواقبها ان تقلق سكون البال و طمأنينة القلب. و المواظبة على هذا السلوك هو جوهر فلسفة (ويدانت) [1] و هذا المعنى موجود في القرآن و السنة و نهج البلاغة. يعتبرها متصوفة المسلمين من اصول التصوف. و لكن نقلت هذه الفقرة من الفلسفة الهندية لأنها تعتبر من اصول التصوف القديمة.

و الخلاصة انه يتفق اكثر الفلاسفة القدماء و الحديثين في الوقت الحاضر على النقاط التالية:

(1) ان للوجود سراً عميقاً لم يتوصل اليه الانسان بالتأكيد عن طريق العلم و التجربة. و ان توصل اليه على الاجمال عن طريق البداهة و الدين و يأمل الفلاسفة و العلماء و الباحثون ان يقتربوا من هذا السر في المستقبل عن طريق تقدم علم الطبيعة و علم الفلك و الرياضيات و علوم الحياة و علم النفس، و للفقيد الوالد طاب ثراه ابيات جميلة في هذا المعنى:

ان هذا الوجود بحر و لكن * * *اين من في الوجود يسبر قعره

و لهذي الاكوان لبّ و لكن * * *ما عرفنا حتى لحاه و قشره

و لهذي الحياة معنى و لكن * * *علنا بالممات نعرف سره

فهو متيقن من وجود هذا السر و لكن لا يعرف كنهه.

(2) ان للوجود حقيقة واحدة. فهو بسيط الذات معقد في ظواهره و صفاته.

(3) ان الموجودات مركبة و معقدة و مترابطة مع بعضها.

(4) ان الموجودات متغيرة دائماً. كل شي‌ء يتغير من حال الى حال. واهم حقائق العلوم و الحياة هي الوقائع و الاحداث. و العلم يبحث كيف تحدث الأشياء أي يبحث عن تغير الأشياء. و التغير الذي يسود العالم يشمل التركيب و التحليل، تركيب يعقبه تحليل و تحليل يعقبه تركيب و اللّه للحكمة جعل التغير ضعيفاً بطيئاً في الغالب، و شديداً سريعاً تارة اخرى.

فالأصالة و الثبوت ليست للاشياء و الموجودات لأنها متغيرة و فانية. و ليست الأصالة للمثل او الماهية كما رأى افلاطون بل الأصالة للوجود و حقيقة الوجود التغير و الحوادث و الحركة و التموج. و لكن ما سبب هذه الحوادث في الوجود، انه اللّه. فهو خالق الموجودات و المحافظ‌


[1] مجلة ثقافة الهند عدد يونيو 1951.

اسم الکتاب : مبادئ الإيمان المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست