responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مبادئ الإيمان المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 10

و الفن ذو صلة بالحقيقة الكلية، فالفنان لا يصور الوجود كما هو و يعبر عنه فحسب، بل يظهره بشكله الأكمل و يحاول أن يسمو بالحياة و ينظر الى الافق البعيد و يتطلع الى المستقبل القادم و يسعى الى تحسين الحياة و يوجهها الى التقدم و الكمال، و يعرف افلاطون الفن بأنه الكلي ممثلًا في الجزئي، و نحن نتذوق الفن كالموسيقى و الغناء و التصوير و الشعر و الأدب عن طريق اللقانة ايضاً.

في القرن التاسع عشر انخدع الناس و اصابهم الغرور للتقدم و التوسع الذي حصل في مختلف العلوم كالكيمياء و الفيزياء، و الاحياء و الفلك، و طبقات الأرض و نشطت لذلك الفلسفة المادية، و آمن بعض الفلاسفة و العلماء مع الأسف، مثل ارنست هيكل و بخنر و هكسلي و سبنسر، بالتطور الذي حدث في الاحياء و الجمادات كأحسن تفسير للعالم، مع ان التطور لا يخرج عن مجال العلم و يبين لنا فقط الادوار التي مرت على الأرض و الاحياء. و خلاصة نظرية التطور العضوي ان اصل الأحياء كائنات حية بسيطة تطورت خلال ملايين السنين الى احياء راقية معقدة، و كانت بعض الأنواع تنقرض و تنشأ انواع جديدة تختلف عن اصولها لأسباب غير معلومة تماماً في الوقت الحاضر، و تبقى بعض الأنواع محافظة على وجودها و لكن التطور نفسه يحتاج الى تفسير، فما سره و ما غايته و ما نهايته و لا يوضح التطور اصل الوجود، فما هو الأصل الذي نشأت منه الأشياء هل هو النور او الهواء او الماء او الهيدروجين ام غيرها.

و المتعمق في الدين يعرف ان نظرية التطور لا تعارض الدين بل تؤيده. ان نظرية التطور تقول: ان كل شي‌ء في الوجود من اشياء و احياء معرضة دائماً للتغير و الدين يقول: كُلُّ مَنْ عَلَيْهٰا فٰانٍ وَ يَبْقىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلٰالِ وَ الْإِكْرٰامِ، الدين يقول: ان الثبات و الخلود لله تعالى شأنه، و الاشياء كلها متغيرة او فانية اما ان يكون لها وجود مؤقت في الحاضر، او معدومة في الحقيقة و الوجود لله وحده لا شريك له، و بقاؤها على حالها او تغيرها او فناؤها و رجوعها اليه منوط بإرادته. فالله قد جعل التطور في الطبيعة و لو اراد ان يوقف التطور لقدر و فعل، و الطبيعة من اللّه و تطورها منه.

فالدين لم ينشأ منذ القدم بسبب الخوف و الرجاء، الخوف من شرور الطبيعة و الرجاء من اللّه في دفعها، كما ظنَّ بعض الكتّاب و المؤرخين و لم ينشأ لخدع الجماهير و صرفها عن واقعها الاجتماعي المر، بل نشأ كالفلسفة و العلم للوصول الى الحقيقة، و البحث عنها و سار مع العلم و الفلسفة دوماً.

و ما نجد عند اهل الدين احياناً من اعمال و طقوس و آراء تتعارض مع الحقيقة بصورة اكيدة فهي طارئة على الدين و ليست من جوهره.

واهم الادلة على اثبات الصانع و وجود اللّه و ان الطبيعة المحسوسة ليست اصل الوجود ما يأتي:

(1) برهان الخلق و خلاصته ان كل موجود و كل شي‌ء من مادة و طاقة و احياء يتوقف وجوده على غيره من الموجودات و هذا يتوقف على غيره دون ان نرى ضرورة وجوده لذاته. و هذه الظاهرة في الاشياء ادت الى التركيب و التعقيد الشديد في الوجود و ارتباط الموجودات مع بعضها، فلا بد اذن لهذه الموجودات من سبب لوجودها لا يتوقف وجوده على وجود آخر، و يعبر عنه في الفلسفة و علم الكلام بواجب الوجود او اللّه، اما الأشياء فممكنة الوجود.

اسم الکتاب : مبادئ الإيمان المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست